للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم نعبدك حقَّ عبادتك، ولم نقْدُرك حقَّ قدرك، فأْذَن لنا في السجود قُدّامك. فيقول الله - عز وجل -: إنّها ليست بدار نَصَب ولا عبادةٍ، ولكنها دارُ مُلْكٍ ونعيمٍ، وإنِّي قد رفعتُ عنكم نَصَب العبادة، فسلُوني ما شئتم، فإنّ لِكُلِّ رجلٍ منكم أُمنِيَّته. فيسألونه، حتى إنّ أقصرهم أُمْنِيَّة لَيقول: ربِّ، تنافسَ أهلُ الدنيا في دنياهم، فتَضايقوا فيها، ربِّ، فآتِني كلَّ شيءٍ كانوا فيه مِن يوم خلقتها إلى أن انتَهَتِ الدنيا. فيقول الله - عز وجل -: لقد قَصَرَتْ بك أُمْنيَّتُك، ولقد سألتَ دون منزلتك، هذا لك مِنِّي، وسأُتحِفُك بمنزلتي؛ لأنّه ليس في عطائي نَكَدٌ ولا تَصْرِيدٌ (١). ثم يقول: اعرضوا على عبادي ما لم تَبْلُغ أمانيُّهم، ولم يخطر لهم على بال. فيعْرِضون عليهم حتى تَقْصُر بهم أمانيُّهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يَعْرضون عليهم براذينُ مُقرَّنةٌ، على كلِّ أربعةٍ منهم سريرٌ مِن ياقوتة واحدةٍ، على كلٍّ منها قُبّةٌ مِن ذهبٍ مُفَرَّغة، في كلّ قُبَّةٍ منها فُرشٌ مِن فُرُش الجنة مُظاهرةٌ، في كلِّ قبة منها جاريتان مِن الحور العين، على كلِّ جارية مِنهُنَّ ثوبان مِن ثياب الجنة، وليس في الجنة ألوانٌ إلا وهو فيهما، ولا ريحٌ طيبةٌ إلا وقد عَبِقتا به، يَنفُذ ضوءُ وجوههما غِلَظَ القُبَّة، حتى يَظُنَّ مَن يراهما أنّهما مِن دون القُبَّة، يرى مُخُّهما مِن فوق سُوقِهما كالسِّلك الأبيض مِن ياقوتة حمراء، يَرَيان له مِن الفضل على صحابته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل، ويرى هو لهما مثل ذلك، ثم يدخل إليهما فيُحَيِّيانِه ويُقَبِّلانه ويُعانِقانِه، ويقولان له: واللهِ، ما ظننّا أنّ اللهَ يخلق مثلك. ثم يأمر الله الملائكةَ، فيسيرون بهم صفًّا في الجنة، حتى ينتهي كلُّ رجلٍ منهم إلى منزلته التي أُعِدَّت له (٢). (٨/ ٤٤٢ - ٤٤٤)

٣٩١١٨ - عن أبي صالحٍ باذام -من طريق الأعمش- قال: طُوبى: شجرةٌ في الجنَّة، لو أنّ راكبًا ركب حُقَّة أو جَذَعةً فأطافَ بها ما بلغ الموضعَ الذي رَكِب فيه حتى يقتُله الهَرَمُ (٣). (٨/ ٤٥٠)

٣٩١١٩ - عن مُغِيث بن سُمَيّ -من طريق حسان بن أبي الأشرس- قال: طوبى: شجرةٌ في الجنة، لو أنّ رجلًا رَكِب قَلُوصًا جذعًا أو جذعًة، ثم دار بها، لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هَرِمًا، وما مِن أهل الجنة منزلٌ إلا غُصنٌ مِن تلك الشجرة مُتَدَلٍّ عليهم، فإذا أرادوا أن يأكلوا مِن الثمرة تَدَلّى إليهم، فيأكلون ما شاءوا،


(١) التصريد في العطاء: تقليله. لسان العرب (صرد).
(٢) أخرجه ابن جرير ١٣/ ٥٢٥ - ٥٢٦. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٩٩، ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>