للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٥٨ - وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- في قوله: {وأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ}، قال: قولهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}. فهذا الذي أبدوا، {وما كنتم تكتمون} يعني: ما أسَرَّ إبليسُ في نفسه من الكِبْر (١) [١٦٠]. (١/ ٢٦٧)

١٢٥٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: {وأعلم ما تبدون} قال: ما تُظْهِرون، {وما كنتم تكتمون} يقول: أعلم السِّرَّ كما أعلم العلانية، يعني: ما كتم إبليس في نفسه من الكِبْر والاغترار (٢). (١/ ٢٦٨)

١٢٦٠ - قال عبد الله بن عباس: هو أنّ إبليس مَرَّ على جسد آدم وهو مُلْقًى بين مكة والطائف، لا رُوحَ فيه، فقال: لِأَمْرٍ ما خُلِق هذا. ثم دخل في فيه، وخرج من دُبُرِه، وقال: إنّه خَلْقٌ لا يَتَماسَك؛ لأنه أجْوَف. ثم قال للملائكة الذين معه: أرأيتم إن فُضِّل هذا عليكم وأُمِرْتُم بطاعته، ماذا تصنعون؟ قالوا: نطيع أمر ربنا. فقال إبليسُ في نفسه: والله لَئِن سُلِّطتُ عليه لَأُهْلِكَنَّه، ولئن سُلِّط عَلَيَّ لَأَعْصِيَنَّه. فقال الله تعالى: {وأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ} يعني: ما تبديه الملائكة من الطاعة، {وما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}


[١٦٠] رجَّح ابن جرير (١/ ٥٣٤) ما أفاده أثرُ ابن عباس هذا، وما ماثله، من أنّ المكتوم: ما أسره إبليس في نفسه من الكِبْر، مُسْتَدِلًّا بما أخبرَ الله في كتابِه من حالِ إبليس، فقال: «والذي قاله ابن عباس يدلّ على صحته خبرُ الله -جل ثناؤه- عن إبليس وعصيانه إياه، إذْ دعاه إلى السجود لآدم فأبى واستكبر، وإظهارُه لسائر الملائكة من معصيته وكِبْره، ما كان له كاتمًا قبل ذلك».
ثم وجَّهَ (١/ ٥٣٤ بتصرف) خروجَ الخبر عن إبليس مخرج الخبر عن الجميع بقوله: «وذلك أنّ من شأن العرب إذا أخبرتْ خبرًا عن بعض جماعة بغير تسمية شخص بعينه؛ أن تُخْرِج الخبرَ عنه مَخْرَج الخبر عن جميعهم، وذلك كقولهم: قُتِل الجيش وهُزموا. وإنّما قُتِل الواحد أو البعض منهم، وهُزِم الواحد أو البعض ... كما قال -جَلَّ ثناؤه-: {إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: ٤]، ذُكِر أن الذي نادى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... كان رجلًا من جماعة بني تميم، ... فكذلك قوله: {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} أخرج الخبر مخرج الخبر عن الجميع، والمراد به الواحد منهم».
وبنحو توجيهه قال ابنُ عطية (١/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>