للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٩٧١٠ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {تؤتي أكلها كل حين}، قال: كُلُّ سَنَة (١) [٣٥٦١]. (ز)


[٣٥٦١] اختُلِف في معنى «الحين» في قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ} على أقوال: الأول: تؤتي أكلها كل غداة وعشية، وكل ساعة. الثاني: كل ستة أشهر، من طلوعها إلى جذاذها. الثالث: كل سنة. الرابع: كل شهرين.
ورجَّح ابنُ جرير (١٣/ ٦٥٠ - ٦٥١) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأول، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي ومن طريق أبي ظبيان وما في معناه، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ الله -تعالى ذِكْره- ضرب ما تؤتي هذه الشجرة كل حين مِن الأُكُل لعمل المؤمن وكلامه مثلًا، ولا شكَّ أنّ المؤمن يرتفع له إلى الله في كلِّ يومٍ صالح مِن العمل والقول، لا في كلِّ سنة، أو في كلِّ ستة أشهر، أو في كلِّ شهرين، فإذ كان ذلك كذلك، فلا شك أنّ المَثَل لا يكون خلافًا للمُمَثَّل به في المعنى ... فإن قال قائل: فأيُّ نخلةٍ تؤتي في كلِّ وقت أُكُلًا صيفًا وشتاءً؟ قيل: أمّا في الشتاء فإنّ الطَّلْعَ مِن أُكُلِها، وأمّا في الصيف فالبلح والبُسْرُ والرُّطَب والتمر، وذلك كلُّه من أُكُلِها». واستند إلى الآثار عن قتادة، والربيع بن أنس في أنّ النخلة يؤكل ثمرها في الشتاء والصيف.
وعلَّق ابنُ عطية (٥/ ٢٤٥) على القول الأول بقوله: «وهكذا يشبهها المؤمن الذي هو في جميع أيامه في عمل، والكلمة التي أخرجها والصادر عنها من الأعمال مُسْتَمِر، فيشبه أنّ الله تعالى إنما شبَّه المؤمن أو الكلمة بالشجرة في حال إثمارها، إذ تلك أفضل أحوالها، وتأويل الطبري في ذلك أن أُكُل الطَّلْع في الشتاء، وأن أُكُل الثمر في كل وقت من أوقات العام هو إتيان أُكُل وإن فارق النخل، وإن فرضنا التشبيه بها على الإطلاق وهي إنما تؤتي في وقت دون وقت، فالمعنى: كشجرة لا تخل بما جعلت له من الإتيان بالأُكل في الأوقات المعلومة، فكذلك هو المؤمن لا يُخلّ بما يُسِّر له من الأعمال الصالحة، أو الكلمة التي لا تغيب بركتها والأعمال الصادرة عنها، بل هي في حفظ النظام كالشجرة الطيبة في حفظ وقتها المعلوم».
ووجَّه ابنُ عطية القول الثاني والثالث والرابع بأن مَن «قال: الحين سنة. راعى أنّ ثمر النخلة وجناها إنما يأتي كل سنة، ومن قال: ستة أشهر. راعى مِن وقت جداد النخل إلى حملها مِن الوقت المقبل. وقيل: إنّ التشبيه وقع بالنخل الذي يثمر مرتين في العام. ومن قال: شهرين. قال: هي مدة الجني في النخل. وكلهم أفتى بقوله في الإتيان على الحين».
ورجَّح ابنُ كثير (٨/ ١٩٧) مستندًا إلى دلالة السياق القول الأول، فقال: «والظاهر من السياق: أن المؤمن مثله كمثل شجرة لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت، من صيف أو شتاء، أو ليل أو نهار، كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار، في كل وقت وحين».

<<  <  ج: ص:  >  >>