للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٨٥٩ - عن الحكم [بن عتيبة]-من طريق عبد الملك بن أبي غَنِيَّة- في قوله: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون}: فجعل منه الأكل. ثم قرأ: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}، قال: لم يجعل لكم فيها أكلًا. وكان الحكم يقول: الخيل والبغال والحمير حرامٌ في كتاب الله (١). (٩/ ١٥)

٤٠٨٦٠ - عن ابن جريج، قلت لعطاء [بن أبي رباح]: الحمار يشرب في جفنتي؟ قال: نعم، وتوضأ بفضله. ثم تلا {والخيل والبغال والحمير لتركبوها}. قلت: فإنه يُنهى عن أكله. قال: ليس أكله مثل أن يتوضأ بفضله، فاسقه بجفنتك (٢). (ز)

٤٠٨٦١ - عن مالك بن أنس: أنّ أحسن ما سمع في الخيل والبغال والحمير أنها لا تؤكل؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}. وقال -تبارك وتعالى- في الأنعام: {لتركبوا منها، ومنها تأكلون} [غافر: ٧٩]. وقال -تبارك وتعالى-: {ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: ٣٤]، {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} [الحج: ٣٦]. قال: وسمعت مالكًا يقول: أن البائس هو الفقير، وأن المعتر هو الزائر. قال مالك: فذكر الله الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة، وذكر الأنعام للركوب والأكل. قال مالك: والقانع هو الفقير أيضًا (٣) [٣٦٤٠]. (ز)


[٣٦٤٠] اختُلِف في الاستدلال بهذه الآية على تحريم أكل لحوم الخيل على قولين: الأول: أن في هذه الآية دلالة على تحريم أكل لحوم الخيل. الثاني: أنها لا تدل على تحريم شيء.
ورجَّح ابنُ جرير (١٤/ ١٧٥ - ١٧٦) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الثاني، وهو قول إبراهيم النخعي، وقول الأسود، وعلَّل ذلك بأنه «لو كان في قوله -تعالى ذكره-: {لِتَرْكَبُوها} دلالةٌ على أنها لا تصلح -إذ كانت للركوب- للأكل، لكان في قوله: {فِيها دِفْءٌ ومَنافِعُ ومِنها تَأْكُلُونَ} دلالة على أنها لا تصلح -إذ كانت للأكل والدِّفْءِ- للركوب، وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال -تعالى ذِكْره-: {ومِنها تَأْكُلُونَ} جائزٌ حلالٌ غير حرام، دليلٌ واضحٌ على أن أكل ما قال: {لِتَرْكَبُوها} جائزٌ حلالٌ غير حرامٍ، إلا بما نصَّ على تحريمه، أو وضَع على تحريمه دلالة من كتابٍ أو وحيٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما بهذه الآية فلا يُحَرَّم أكلُ شيءٍ».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ٣٣٠) احتجاج ابن عباس ومالك بهذه الآية على كراهة لحوم الخيل والبغال والحمير، واحتجاج الحكم بن عيينة بها على حرمة لحوم الخيل والبغال والحمير، ثم استدرك قائلًا: «وهذه الحجة غير لازمة عند جماعة من العلماء، قالوا: إنما ذكر الله تعالى عظم منافع الأنعام، وذكر عظم منافع هذه وأهم ما فيها، وليس يقضي ذلك بأن ما ذكره لهذه لا تدخل هذه فيه». ثم ذكر (٥/ ٣٣١) قول ابن جرير بأن في «إجماعهم على جواز ركوب ما ذكر للأكل دليل على جواز أكل ما ذكر للركوب»، وعلق قائلًا: «وفي هذا نظر، ولحوم الخيل عند كثير من العلماء حلال، وفي جواز أكلها حديث أسماء بنت أبي بكر، وحديث جابر بن عبد الله: كنا نأكل الخيل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. والبغال والحمير مكروهة عند الجمهور، وهو تحقيق مذهب مالك».

<<  <  ج: ص:  >  >>