للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فما هذا البكاء؟! قال: وما يمنعني من البكاء، وقد أُخْرِجتُ من جِوار الرحمن؟ قال: فعليك بهؤلاء الكلمات؛ فإنّ الله قابلٌ توبتَك، وغافرٌ ذنبَك، قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك لا إله إلا أنت، عملتُ سوءًا، وظلمتُ نفسي، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أسألك بحقِّ محمد وآل محمد، سبحانك لا إله إلا أنت، عملت سوءًا وظلمت نفسي، فتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم. فهؤلاء الكلمات التي تَلَقّى آدم» (١). (١/ ٣٢٣)

١٤٥٩ - عن بُرَيْدَة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَمّا أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت أُسْبوعًا، وصلى حِذاء المقام ركعتين، ثم قال: اللهم، أنت تعلم سري وعلانيتي؛ فاقبل مَعْذِرتي، وتعلم حاجتي؛ فأعطِني سُؤْلِي، وتعلم ما عندي؛ فاغفر لي ذنوبي، أسألك إيمانا يُباهِي (٢) قلبي، ويقينًا صادقًا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضِّني بقضائك. فأوحى الله إليه: يا آدم، إنّك دعوتني بدعاء، فاستجبت لك فيه، ولن يدعوني به أحد من ذريتك من بعدك إلا استجبت له، وغفرت له ذنبه، وفَرَّجْتُ همَّه وغمومه، واتَّجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا راغمة، وإن كان لا


(١) أورده الدَّيْلَمِيُّ في الفردوس ٣/ ١٥١ (٤٤٠٩).
قال السيوطي: «بسند واهٍ». وقال المتقي الهندي في كنز العمال ٢/ ٣٥٩ (٤٢٣٧): «سنده واهٍ، وفيه حَمّاد بن عمر النصيبي، عن السري، عن خالد، واهيان».
ومما يروى في هذا المعنى من الأحاديث المنكرة ما عزاه السيوطي ١/ ٣١٤ إلى ابن النجار، أن ابن عباس قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلمات التي تَلَقّاها آدمُ من ربه فتاب عليه، قال: «سأل بحقِّ محمد، وعليٍّ، وفاطمة، والحسن، والحسين؛ إلّا تُبْتَ عليَّ. فتاب عليه». وأورده السيوطي أيضًا في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١/ ٣٦٩، وقال: «قال الدارقطني: تَفَرَّد به عمرو بن ثابت، وقد قال يحيى [بن معين]: إنه لا ثقة ولا مأمون، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات».
وانتَقَد ابنُ تيمية (١/ ١٩٩) هذا الأثر بقوله: «لو كان آدم قال هذا لكانت أمة محمد أحق به منه، بل كان الأنبياء من ذريته أحق به، وقد علم كل عالم بالآثار أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أمته به، ولا نقل عن أحد من الصحابة الأخيار، ولا نقله أحد من العلماء الأبرار، فعُلِم أنه من أكاذيب أهل الوضع والاختلاق الذين وضَعوا من الكذب أكثر مما بأيدي المسلمين من الصحيح».
كما انتقده [ويدخل ضمن نقده أثر المتن والذي قبله] في منهاج السنة النبوية ٧/ ١٣١ من ثمانية أوجه، من ذلك: «الخامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحدًا بالتوبة بمثل هذا الدعاء، بل ولا أمر أحدًا بمثل هذا الدعاء في توبة ولا غيرها، بل ولا شرع لأمته أن يقسموا على الله بمخلوق، ولو كان هذا الدعاء مشروعًا لشرعه لأمته. السادس: أن الإقسام على الله بالملائكة والأنبياء أمر لم يرد به كتاب ولا سنة، بل قد نص غير واحد من أهل العلم - كأبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما- على أنه لا يجوز أن يقسم على الله بمخلوق، وقد بسطنا الكلام على ذلك»
(٢) يباهي قلبي: أي يُحَبَّب إليه ويأنس به. لسان العرب (بها).

<<  <  ج: ص:  >  >>