للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال سنحاريب لملك بني إسرائيل: القتل خير ما يُفعَل بنا، فافعل ما أمرت. فنقل بهم الملك إلى سجن القتل، فأوحى الله إلى شعيا النبي أن قل لملك بني إسرائيل: يرسل سنحاريب ومَن معه لينذروا من وراءهم، وليكرمهم ويحملهم حتى يبلغوا بلادهم، فبلغ النبي شعيا الملك ذلك، ففعل، فخرج سنحاريب ومَن معه حتى قدموا بابل، فلما قدموا جمع الناس، فأخبرهم كيف فعل الله بجنوده، فقال له كهانه وسحرته: يا ملك بابل، قد كُنّا نَقُصُّ عليك خبر ربهم، وخبر نبيهم، ووحي الله إلى نبيهم، فلم تطعنا، وهي أمة لا يستطيعها أحد مع ربهم. فكان أمر سنحاريب مما خوفوا، ثم كفاهم الله إياه تذكرة وعبرة، ثم لبث سنحاريب بعد ذلك سبع سنين، ثم مات ...

قال ابن إسحاق: لَمّا مات سنحاريب استخلف بختنصر ابن ابنه على ما كان عليه جدُّه يعمل بعمله، ويقضي بقضائه، فلبث سبع عشرة سنة، ثم قبض الله ملك بني إسرائيل صديقة، فمرج أمر بني إسرائيل، وتنافسوا الملك، حتى قتل بعضهم بعضًا عليه، ونبيهم شعيا معهم لا يُذعِنون إليه، ولا يَقْبَلون منه. فلما فعلوا ذلك قال الله -فيما بلغنا- لشعيا: قُم في قومك أُوحِ على لسانك. فلما قام النبيُّ أنطق الله لسانَه بالوحي ... فلما فرغ نبيهم شعيا إليهم من مقالته عَدَوْا عليه -فيما بلغني- ليقتلوه، فهرب منهم، فلقيته شجرة، فانفلقت، فدخل فيها، وأدركه الشيطان، فأخذ بهُدْبة من ثوبه، فأراهم إياها، فوضعوا المنشار في وسطها، فنشروها حتى قطعوها، وقطعوه في وسطها (١). (ز)

٤٢٤٥١ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين؛ قتل زكريا، ويحيى بن زكريا، فسَلَّط عليهم سابور ذا الأكتاف مَلِكًا من ملوك فارس، من قِبَلِ زكريا، وسلَّط عليهم بُختَنَصَّر من قِبَلِ يحيى (٢) [٣٧٩٦]. (٩/ ٢٦٢)


[٣٧٩٦] قال ابنُ جرير (١٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩ بتصرف): «على القول الذي ذكرنا عن ابن عباس -من رواية السدي- وقول ابن زيد: كان إفساد بني إسرائيل في الأرض المرة الأولى قتلهم زكريا نبي الله، مع ما كان سلف منهم قبل ذلك وبعده، إلى أن بعث الله عليهم مَن أحلَّ على يده بهم نقمته من معاصي الله، وعتوهم على ربهم. وأما على قول ابن إسحاق الذي روينا عنه: فكان إفسادهم المرة الأولى ما وصف من قتلهم شعيا بن أمصيا نبي الله. وذكر ابن إسحاق أن بعض أهل العلم أخبره: أن زكريا مات موتًا ولم يُقتل، وأن المقتول إنما هو شعيا، وأن بختنصر هو الذي سُلِّط على بني إسرائيل في المرة الأولى بعد قتلهم شعيا، وأما إفسادهم في الأرض المرة الآخرة فلا اختلاف بين أهل العلم أنه كان قتلهم يحيى بن زكريا».
وقال ابنُ تيمية (٤/ ٢٠٢ - ٢٠٣): «كانت الأولى بعد سليمان، وكانت الثانية بعد زكريا، ويحيى، والمسيح، لما قتلوا يحيى بن زكريا الذي يسميه أهل الكتاب: يوحنا المعمداني. وكثير من المذكورين بالعلم يظن أن بخت نصر هو الذي قدم الشام لما قتل يحيى بن زكريا، وهذا عند أهل العلم من أهل الكتاب، وعند من له خبرة من علماء المسلمين باطل، والمتواتر أن بخت نصر هو الذي قدم في المرة الأولى».

<<  <  ج: ص:  >  >>