للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأحداث. ومنهم من يقول: أقر مكانه في القربان ولم يحول (١). (ز)

٤٢٥٠٥ - عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق ابن إسحاق، عمن لا يتهم واللفظ له، ومن طريق عبد الصمد بن معقل بنحوه- أنه كان يقول: قال الله -تبارك وتعالى- لإرميا (٢) حين بعثه نبيًّا إلى بني إسرائيل: يا إرميا، من قبل أن أخلقك اخترتك، ومن قبل أن أصورك في بطن أمك قدستك، ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهرتك، ومن قبل أن تبلغ السعي نَبَّيْتُك، ومن قبل أن تبلغ الأشد اخترتك، ولأمر عظيم اجتبيتك. فبعث الله إرميا إلى ذلك الملك من بني إسرائيل يسدده ويرشده، ويأتيه بالخبر من الله فيما بينه وبين الله. قال: ثم عظمت الأحداث في بني إسرائيل، وركبوا المعاصي، واستحلوا المحارم، ونسوا ما كان الله تعالى صنع بهم، وما نجاهم من عدوهم سنحاريب وجنوده، فأوحى الله تعالى إلى إرمياء: أن ائت قومك من بني إسرائيل، واقصص عليهم ما آمرك به، وذكرهم نعمتي عليهم، وعرفهم أحداثهم. فقال إرمياء: إني ضعيف إن لم تُقَوِّني، عاجز إن لم تُبَلِّغْني، مخطئ إن لم تسددني، مخذول إن لم تنصرني، ذليل إن لم تُعِزَّني. قال الله -تبارك وتعالى-: أوَلَم تعلم أن الأمور كلها تصدر عن مشيئتي، وأن القلوب كلها والألسنة بيدي، أقلبها كيف شئت، فتطيعني، وإني أنا الله الذي لا شيء مثلي، قامت السماوات والأرض وما فيهن بكلمتي، وأنا كلمت البحار، ففهمت قولي، وأمرتها، فعقلت أمري، وحددت عليها بالبطحاء فلا تَعدّى حدِّي، تأتي بأمواج كالجبال، حتى إذا بلغت حدِّي ألبستها مذلة طاعتي خوفًا واعترافًا لأمري؟! إني معك، ولن يصل إليك شيء معي، [وإني] بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي؛ لتبلغهم رسالاتي، ولتستحق بذلك مثل أجر من تبعك منهم لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، وإن تقصر عنها فلك مثل وِزْر من تركب في عماه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا، انطلق إلى قومك فقُل: إنّ الله ذكر لكم صلاح آبائكم، فحمله ذلك على أن يستتيبكم، يا معشر الأبناء، وسلهم كيف وجد آباؤهم مغبة طاعتي، وكيف وجدوا هم مغبة معصيتي، وهل علموا أن أحدًا قبلهم أطاعني فشقي بطاعتي، أو عصاني فسعد بمعصيتي، فإن الدواب مما


(١) أخرجه ابن جرير ١٤/ ٤٩٨.
(٢) أخرج ابن جرير ١٤/ ٤٩٩ عن ابن إسحاق أنه قال: فيما بلغني، استخلف الله على بني إسرائيل بعد ذلك -يعني: بعد قتلهم شعياء- رجلًا منهم يقال له: ياشة بن آموص، فبعث الله الخضر نبيًّا. قال: واسم الخضر فيما كان وهب بن منبه يزعم عن بني إسرائيل: إرميا بن حلفيا، وكان من سبط هارون بن عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>