[٣٨٨٤] لخَّصَ ابنُ عطية (٥/ ٥١٦) أقوال المفسرين في معنى قوله تعالى: {بإمامهم}، فقال: "وقوله: {بإمامهم} يحتمل أن يريد: باسم إمامهم. ويحتمل أن يريد: مع إمامهم. فعلى التأويل الأول: يقال: يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويا أتباع فرعون، ونحو هذا. وعلى التأويل الثاني: تجيء كل أمة معها إمامها من هادٍ أو مضلّ. واختلف المفسرون في الإمام. فقال مجاهد وقتادة: نبيهم. وقال ابن زيد: كتابهم الذي نزل عليهم. وقال ابن عباس والحسن: كتابهم الذي فيه أعمالهم. وقالت فرقة: مُتَّبَعُهُم، مِن هادٍ أو مضلّ «. ثم ذَهَبَ إلى أنّ لفظة» الإمام «تعُمّ تلك الأقوال، فقال:» ولفظة «الإمام» تعُمّ هذا كله؛ لأن الإمام هو ما يؤتم به، ويُهْتَدى به في القصد". ورجَّحَ ابنُ جرير (١٥/ ٨) القولَ الأخيرَ -بعد أن أدخل فيه القول الأول، أعني: قول مجاهد، وقتادة- استنادًا إلى الأغلب في اللغة، فقال: «أولى هذه الأقوال عندنا بالصواب قولُ مَن قال: معنى ذلك: يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به، ويأتمون به في الدنيا. لأن الأغلب من استعمال العرب» الإمام «فيما ائْتُمَّ واقتدي به، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر أولى، ما لم تثبت حجة بخلافه يجب التسليم لها». وهذا ظاهر كلام ابن تيمية (٤/ ٢٣٧). ورجَّحَ ابنُ كثير (٩/ ٤٧ - ٤٨ بتصرف) أنّ «الإمام» هو كتاب أعمالهم، كما قال ابن عباس، والحسن، استنادًا إلى النظائر والسياق، فقال: «المراد هاهنا بالإمام هو: كتاب الأعمال؛ ولذا قال تعالى: {يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم} ... وهذا القول هو الأرجح؛ لقوله تعالى: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} [يس: ١٢]، وقال تعالى: {ووُضِعَ الكِتابُ فَتَرى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ ويَقُولُونَ يا ويْلَتَنا مالِ هَذا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلّا أحْصاها ووَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَدًا} [الكهف: ٤٩]».