للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٣٧٩٢ - قال محمد بن السائب الكلبي: النافلة: الفضل (١). (ز)

٤٣٧٩٣ - قال مقاتل بن حيان: قوله: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك}: كرامة لك، وعطاء لك (٢). (ز)

٤٣٧٩٤ - قال مقاتل بن سليمان: ثم قال - عز وجل -: {ومن اليل فتهجد به نافلة لك} بعد المغفرة؛ لأنّ الله - عز وجل - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما كان من عمل فهو نافلة، مثل قوله سبحانه: {ووهبنا له إسحاق} حين سأل الولد، {ويعقوب نافلة} [الأنبياء: ٧٢]، يعني: فضلًا على مسألته (٣). (ز)

٤٣٧٩٥ - قال يحيى بن سلّام: قوله: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} عطيةً مِن الله لك. وسمعتُ بعضَهم يقول: إنّ صلاة الليل على النبي فريضة، وهي للناس تطوُّع (٤) [٣٨٩٩]. (ز)


[٣٨٩٩] اختُلِف في المعنى الذي من أجله خُصَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها له نافلة، مع كون صلاة كل مصلٍ بعد هجوده -إذا كان قبل هجوده قد كان أدى فرائضه- نافلة فضلًا، إذ كانت غير واجبة عليه، على قولين: الأول: لأنها فضيلة له؛ إذ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأما غيره فهو له كفارة، وليس نافلة. الثاني: لأنها عليه مكتوبة، ولغيره تطوع.
ورجَّح ابنُ جرير (١٥/ ٤١ - ٤٢) القول الثاني الذي قاله ابن عباس، وابن سلام، وانتقد الأول الذي قاله مجاهد، وقتادة، والحسن، وأبو أمامة، مستندًا إلى دلالة السنّة، والدلالة العقلية، فقال: «وأولى القولين بالصواب في ذلك القولُ الذي ذكرنا عن ابن عباس؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان الله -تعالى ذِكْرُه- قد خصه بما فرض عليه من قيام الليل، دون سائر أمته. فأما ما ذكر عن مجاهد في ذلك فقول لا معنى له؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر عنه أكثر ما كان استغفارًا لذنوبه بعد نزول قول الله - عز وجل - عليه: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: ٢]. وذلك أن هذه السورة أنزلت عليه بعد منصرفه من الحديبية، وأُنزل عليه: {إذا جاء نصر الله والفتح} عام قُبض، وقيل له فيها: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [النصر: ٣]، فكان يُعَدُّ له - صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد استغفار مائة مرة، ومعلوم أنّ الله لم يأمره أن يستغفر إلا لما يغفره له باستغفاره ذلك، فبيَّن إذن وجْه فساد ما قاله مجاهد».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ٥٢٨) احتمالًا آخر، فقال: «وتحتمل الآية أن يكون هذا على وجْه الندب في التنفل، ويكون الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد هو وأمته، كخطابه في قوله: {أقم الصلوات}».
وظاهر كلام ابن القيم (٢/ ١٤٩) أنه يرجّح القول الثاني حيث ذكر القولين، ثم قال: «والمقصود أن النافلة في الآية لم يرد بها ما يجوز فعله وتركه، كالمستحب، والمندوب، وإنما المراد بها الزيادة في الدرجات، وهذا قدر مشترك بين الفرض والمستحب، فلا يكون قوله: {نافلة لك} نافيًا لما دل عليه الأمر من الوجوب».
وبنحوه ابنُ تيمية (٥/ ٢٤٤ - ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>