وذكر ابنُ عطية (٥/ ٥٥٨) القول الأول، ووجّهه بقوله: «فهذا على حذف مضاف، التقدير: ولا تَجْهَرْ بقراءة صلاتك». وقد رجّح ابنُ جرير (١٥/ ١٣٦ - ١٣٧) القول الأول مستندًا إلى صحة السند إلى الصحابي، وإلى السياق، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصحة ما ذكرنا عن ابن عباس في الخبر الذي رواه أبو جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس؛ لأنّ ذلك أصح الأسانيد التي روي عن صحابي فيه قول مخرجًا، وأشبه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} عقيب قوله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى}، وعقيب تقريع الكفار بكفرهم بالقرآن، وذلك بعدهم منه ومن الإيمان. فإذا كان ذلك كذلك فالذي هو أولى وأشبه بقوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} أن يكون من سبب ما هو في سياقه من الكلام، ما لم يأت بمعنى يوجب صرفه عنه، أو يكون على انصرافه عنه دليل يعلم به الانصراف عما هو في سياقه». ثم قال عن القول الخامس: «ولولا أن أقوال أهل التأويل مضت بما ذكرت عنهم من التأويل، وأنا لا نستجيز خلافهم فيما جاء عنهم؛ لكان وجهًا يحتمله التأويل أن يقال: ولا تجهر بصلاتك التي أمرناك بالمخافتة بها، وهي صلاة النهار؛ لأنها عجماء، لا يجهر بها، ولا تخافت بصلاتك التي أمرناك بالجهر بها، وهي صلاة الليل، فإنها يجهر بها {وابتغ بين ذلك سبيلا} بأن تجهر بالتي أمرناك بالجهر بها، وتخافت بالتي أمرناك بالمخافتة بها، لا تجهر بجميعها، ولا تخافت بكلها. فكان ذلك وجهًا غير بعيد من الصحة، ولكنا لا نرى ذلك صحيحًا لإجماع الحجة من أهل التأويل على خلافه».