للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أظهر هؤلاء القوم؛ لا يصيبنا عقابٌ بِجُرمهم. فخرج شابٌّ منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة، فجلس فيه، ثم خرج آخرُ، فرآه جالسًا وحده، فرجا أن يكون على مثل أمره من غير أن يظهر ذلك منه، فجاء حتى جلس إليه، ثم خرج الآخرون، فجاءوا حتى جلسوا إليهما، فاجتمعوا، فقال بعضهم: ما جَمَعَكم؟ وقال آخر: بل ما جَمَّعكم؟ وكل يكتم إيمانه مِن صاحبه مخافة على نفسه، ثم قالوا: ليخرج منكم فَتَيان، فيخلوا، فيتواثقا أن لا يُفشي واحد منهما على صاحبه، ثم يُفشي كل واحد منهما لصاحبه أمره، فإنا نرجو أن نكون على أمر واحد. فخرج فتيان منهم، فتواثقا، ثم تكلما، فذكر كل واحد منهما أمره لصاحبه، فأقبلا مستبشرين إلى أصحابهما، فقالا: قد اتفقا على أمر واحد. فإذا هم جميعًا على الإيمان، وإذا كهف في الجبل قريب منهم، فقال بعضهم لبعض: ائْؤُوا إلى الكهف {ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} [٣٩٦٦]، فدخلوا الكهف ومعهم كلب صيدهم، فناموا، فجعله الله عليهم رقدة واحدة، فناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا. قال: وفقدهم قومُهم، فطلبوهم، وبعثوا البُرُد، فعمّى الله عليهم آثارهم وكهفهم، فلما لم يقدروا عليهم كتبوا أسماءَهم وأنسابهم في لوح: فلان ابن فلان، وفلان ابن فلان أبناء ملوكنا، فقدناهم في عيد كذا وكذا، في شهر كذا وكذا، في سنة كذا وكذا، في مملكة فلان ابن فلان، ورفعوا اللوح في الخزانة. فمات ذلك الملك، وغلب عليهم مَلِك مسلم مع المسلمين، وجاء قرن بعد قرن، فلبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا (١). (ز)

٤٤٤٤٧ - عن عمرو بن قيس الملائي -من طريق الحكم بن بَشير- في قوله: {أصحاب الكهف والرقيم}: كانت الفتية على دين عيسى على الإسلام، وكان ملكهم كافرًا، وقد أخرج لهم صنمًا، فأبوا، وقالوا: {ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من


[٣٩٦٦] علَّق ابنُ كثير (٩/ ١١١) على حدَث اجتماعهم هذا بقوله: «كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري تعليقًا، من حديث يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف». وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. والناس يقولون: الجنسية علة الضم».

<<  <  ج: ص:  >  >>