دونه إلها لقد قلنا إذا شططا}. قال: فاعتزلوا عن قومهم لعبادة الله، فقال أحدهم: إنّه كان لأبي كهف يأوي فيه غنمه، فانطلقوا بنا نكن فيه. فدخلوه، وفُقِدوا في ذلك الزمان، فطُلِبوا، فقيل: دخلوا هذا الكهف. فقال قومهم: لا نريد لهم عقوبة ولا عذابًا أشد من أن نردم عليهم هذا الكهف. فبنوه عليهم، ثم ردموه، ثم إنّ الله بعث عليهم ملِكًا على دين عيسى، ووقع ذلك البناء الذي كان ردم عليهم، فقال بعضهم لبعض:{كم لبثتم}؟ فقالوا:{لبثنا يوما أو بعض يوم} حتى بلغ {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة}، وكان ورِق ذلك الزمان كبارًا، فأرسلوا أحدهم يأتيهم بطعام وشراب، فلما ذهب ليخرج رأى على باب الكهف شيئًا أنكره، فأراد أن يرجع، ثم مضى حتى دخل المدينة، فأنكر ما رأى، ثم أخرج درهمًا، فنظروا إليه، فأنكروه، وأنكروا الدرهم، وقالوا: مِن أين لك هذا؟ هذا مِن ورِق غير هذا الزمان. واجتمعوا عليه يسألونه، فلم يزالوا به حتى انطلقوا به إلى ملكهم، وكان لقومهم لوحٌ يكتبون فيه ما يكون، فنظروا في ذلك اللوح، وسأله الملك، فأخبره بأمره، ونظروا في الكتاب متى فُقِدوا، فاستبشروا به وبأصحابه، وقيل له: انطلِق بنا، فأرِنا أصحابك. فانطلَق، وانطلقوا معه ليريهم، فدخل قبل القوم، فضُرِب على آذانهم، فقال الذين غلبوا على أمرهم:{لنتخذن عليهم مسجدا}(١). (ز)
٤٤٤٤٨ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- فيما ذُكر من حديث أصحاب الكهف، قال: ثم مَلَكَ أهلَ تلك البلادِ رجلٌ صالح يُقال له: تيذوسيس، فلما ملك بقي ملكه ثمانيًا وستين سنة، فتحزب الناس في ملكه، فكانوا أحزابًا؛ فمنهم من يؤمن بالله ويعلم أن الساعة حق، ومنهم من يكذب بها، فكبر ذلك على الملك الصالح تيذوسيس، وبكى إلى الله، وتضرع إليه، وحزن حزنًا شديدًا لَمّا رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحق، ويقولون: لا حياة إلا الحياة الدنيا، وإنما تبعث النفوس، ولا تبعث الأجساد. ونسوا ما في الكتاب، فجعل تيذوسيس يرسل إلى مَن يظن فيه خيرًا، وأنهم أئمة في الحق، فجعلوا يُكذبون بالساعة، حتى كادوا أن يُحوِّلوا الناس عن الحق وملة الحواريين، فلما رأى ذلك الملك الصالح تيذوسيس دخل بيته، فأغلقه عليه، ولبس مسحًا، وجعل تحته رمادًا، ثم جلس عليه، فدأب ذلك ليلَه ونهارَه زمانًا يتضرع إلى الله، ويبكي إليه مما يرى فيه الناس، ثم إنّ الرحمن الرحيم الذي يكره هَلَكَة العباد أراد أن يُظهر على الفتية أصحاب الكهف،