للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البحر هاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتَمَثَّل له جبريل على فرسٍ أنثى ودِيق، فلما رآها الحصان تَقَحَّم خلفها. قال: وعرف السامريُّ جبريلَ؛ لأنّ أمه حين خافت أن يُذبَح خلفته في غارٍ، وأطبقت عليه، فكان جبريل يأتيه فيَغْذُوه بأصابعه، فيجد في بعض أصابعه لبنًا، وفي الأخرى عسلًا، وفي الأخرى سمنًا، فلم يزل يغذوه حتى نشأ، فلما عايَنَه في البحر عَرَفَه، فقبض قبضة من أثر فرسه. قال: أخذ من تحت الحافر قبضة. قال سفيان: فكان ابنُ مسعود يقرؤها: (فَقَبَضتُ قَبْضَةً مِّنْ أثَرِ فَرَسِ الرَّسُولِ) (١). قال أبو سعيد: قال عكرمة، عن ابن عباس: وألقي في رُوع السامري: أنّك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا وكذا، إلا كان. فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر، فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر وأغرق الله آل فرعون قال موسى لأخيه هارون: {اخلفني في قومي وأصلح} [الأعراف: ١٤٢]. ومضى موسى لِمَوْعِد ربه، قال: وكان مع بني إسرائيل حُلِيٌّ مِن حُلِيِّ آل فرعون قد تَعَوَّرُوه (٢)، فكأنهم تَأَثَّمُوا منه، فأخرجوه لتَنزل النار فتأكله، فلما جمعوه، قال السامري بالقبضة التي كانت في يده هكذا، فقذفها فيه -وأومأ ابن إسحاق بيده هكذا-، وقال: كن عجلًا جسدًا له خوار. فصار عجلًا جسدًا له خوار، وكان يدخل الريح في دُبُرِه ويخرج من فِيهِ يسمع له صوت، فقال: هذا إلهكم وإله موسى. فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} [طه: ٩٠ - ٩١] (٣). (ز)

١٧٥٣ - عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسْباط- قال: لَمّا أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل -يعني: من أرض مصر- أمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحُلِيَّ من القِبْطِ، فلما نَجّى الله موسى ومَن معه من بني إسرائيل من البحر، وغرق آل فرعون؛ أتى جبريلُ إلى موسى يذهب به إلى الله، فأقبل على فرس، فرآه السّامِرِيُّ، فأنكره، وقال: إنه فرس الحياة. فقال حين رآه: إنّ لِهذا لَشَأنًا. فأخذ مِن تربة الحافر حافر الفرس، فانطلق موسى، واستخلف هارونَ على بني إسرائيل، وواعدهم ثلاثين ليلة، وأتمها الله بعشر. فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل، إنّ الغنيمة لا تَحِلُّ لكم، وإنّ حُلِيَّ القِبْط إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعًا، واحفروا لها حفرة فادفنوها، فإن جاء موسى فأَحَلَّها أخذتموها، وإلا كان


(١) وهي قراءة شاذة. انظر: الكشاف ٢/ ٥٥١، والبحر المحيط ٦/ ٢٧٤.
(٢) أي: استعاروه. لسان العرب (عور).
(٣) أخرجه ابن جرير ١/ ٦٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>