شيئًا لم تأكلوه. فجمعوا ذلك الحُلِيَّ في تلك الحفرة، وجاء السامريُّ بتلك القبضة، فقذفها، فأخرج الله مِن الحُلِيِّ عِجْلًا جَسَدًا له خُوار، وعَدَّت بنو إسرائيل موعد موسى، فعَدُّوا الليلة يومًا واليوم يومًا، فلما كان تمام العشرين خرج لهم العجل، فلما رأوه قال لهم السامري:{هذا إلهكم وإله موسى فنسي}[طه: ٨٨]. يقول: ترك موسى إلهه ههنا، وذهب يطلبه. فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي، فقال لهم هارون: يا بني إسرائيل، {إنما فتنتم به}[طه: ٩٠]، يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل، {وإن ربكم الرحمن}. فأقام هارون ومن معه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه، فلما كلمه قال له:{وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}[طه: ٨٣ - ٨٥]. فأخبره خبرهم، قال موسى: يا رب، هذا السامريُّ أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح مَن نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: ربِّ، أنت إذًا أضللتَهم (١)[٢٢٩]. (ز)
١٧٥٤ - قال مقاتل بن سليمان: ... وذلك أنّ موسى قطع البحر يوم العاشر من المحرم، فقال بنو إسرائيل: وعدتنا -يا موسى- أن تأتينا بكتاب من ربنا إلى شهر، فأْتِنا بما وعدتنا. فانطلق موسى، وأخبرهم أنه يرجع إلى أربعين يومًا عن أمر ربه - عز وجل -، فلما سار موسى فدنا من الجبل أمر السبعين أن يقيموا في أصل الجبل، وصعد موسى الجبل، فكلم ربَّه -تبارك اسمه-، وأخذ الألواح فيها التوراة، فلما مضى عشرون يومًا قالوا: أخلفنا موسى العهد. فَعَدُّوا عشرين يومًا وعشرين ليلة، فقالوا: هذا أربعون يومًا. فاتخذوا العجل، فأخبر الله - عز وجل - موسى بذلك على الجبل، فقال موسى لربه: مَن صَنَع لهم العِجْل؟ قال: السامريُّ صنعه لهم. قال موسى لربه: فمَن نفخ فيه الروح؟ قال الربُّ - عز وجل -: أنا. فقال موسى: يا رب، السامري صنع لهم العجل فأَضَلَّهُم، وصَنَعْتَ فيه الخوار؛ فأنت فَتَنت قومي. فمِن ثَمَّ قال الله - عز وجل -: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}[طه: ٨٥]، يعني: الذين خَلَّفَهُم مع هارون سوى السبعين حين أمرهم بعبادة العجل، فلما نزل موسى من الجبل إلى السبعين
[٢٢٩] ذكر ابن عطية (١/ ٢٠٨) هذا الأثر مختصرًا، ثم قال: «وحكي غير هذا مما اختصرته لقلة ثبوته».