للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صبرًا}. {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا}. قال: {كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}. قال: قد أمرت أن أفعله، {ستجدني إن شاء الله صابرا}. {قال: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة}، فخرج مَن كان فيها، وتخلَّف ليخرقها، فقال له موسى: تخرقها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا. فانطلقا حتى} إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر، وفيهم غلام، ليس في الغلمان أحسن ولا ألطف منه، فأخذه، فقتله، فنفر موسى عند ذلك، وقال: {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا}. قال: فأخذته ذمامة مِن صاحبه، واستحيا، فقال: {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} وقد أصاب موسى جهد شديد، {فلم يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال} له موسى مما نزل به من الجهد: {لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال: هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا}. فأخذ موسى بطرف ثوبه، فقال: حدِّثني. فقال: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}. فإذا مرَّ عليها فرآها منخرِقة تركها، ورقعها أهلها بقطعة من خشب، فانتفعوا بها. وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرًا، وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه، ولو عصياه شيئًا لأرهقهما طغيانًا وكفرًا، فأراد ربك أن يبدلهما خيرًا منه زكاة وأقرب رحمًا، فوقع أبوه على أمه فعلقت {خيرا منه زكاة وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين} إلى آخر الآية» (١). (٩/ ٥٨٢ - ٥٨٤)

٤٥٢٩٢ - عن سعيد بن جبير، قال: جلستُ عند عبد الله بن عباس، وعنده نفرٌ مِن أهل الكتاب، فقال بعضهم: إنّ نوفًا يزعم عن كعب: أنّ موسى النبيَّ الذي طلب العلم إنما هو موسى بن ميشا. فقال ابن عباس: كذب نَوْفٌ، حدثني أبي بن كعب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنّ موسى بني إسرائيل سأل ربَّه، فقال: أي رب، إن كان في عبادك أحدٌ هو أعلم مِنِّي فدُلَّني عليه. فقال له: نعم، في عبادي مَن هو أعلم منك. ثم


(١) أخرجه أحمد ٣٥/ ٥٠ - ٥٢ (٢١١١٨)، والحميدي في مسنده [المنتخب من مسنده ص ٨٨] (١٦٩)، من طريق إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
قال الألباني في الضعيفة ١٠/ ٣٧٧ (٤٨٢٩): «إسناد عبد بن حميد صحيح إن كان أبو إسحاق سمعه من سعيد بن جبير؛ فإنه مدلس. ثم رأيت الحديث في مسند أحمد ... من طريق قيس عن أبي إسحاق مختصرًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>