للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{ملك يأخذ كل سفينة غصبا} فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم من يقول: سدُّوها بالقارورة. ومنهم من يقول: بالقار. {فكان أبواه مؤمنين} وكان كافرًا، {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا}: أن يحملهما حبُّه على أن يتابعاه على دينه، {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله الخضر. وزعم غير سعيد أنهما أُبدِلا جارية (١). (٩/ ٥٧٨ - ٥٨١)

٤٥٢٩١ - عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس وكنا عنده، فقال القوم: إنّ نوفًا الشامي يزعم: أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني إسرائيل. فكان ابن عباس مُتَّكئًا فاستوى جالسًا، فقال: كذب نوف، حدثني أُبَيّ بن كعب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل واستحيا وأخذته ذِمامَةٌ (٢) من صاحبه، فقال له: {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني}؛ لَرأى من صاحبه عجبًا». قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر نبيًّا من الأنبياء بدأ بنفسه، فقال: «رحمة الله علينا وعلى صالح، ورحمة الله علينا وعلى أخي عاد». ثم قال: «إنّ موسى بينا هو يخطب قومَه ذات يوم إذ قال لهم: ما في الأرض أحدٌ أعلم مني. فأوحى الله إليه: أن في الأرض مَن هو أعلم منك، وآية ذلك أن تزود حوتًا مالحًا، فإذا فقدته فهو حيت تفقده. فتَزَوَّد حوتًا مالحًا، فانطلق هو وفتاه، حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به، فلما انتهوا إلى الصخرة انطلق موسى يطلب، ووضع فتاه الحوت على الصخرة، فاضطرب، {فاتخذ سبيله في البحر سربا}. قال فتاه: إذا جاء نبيُّ الله حدَّثته. فأنساه الشيطان، فانطلقا، فأصابهما ما يصيب المسافر مِن النصب والكلال، ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافر من النصب والكلال حتى جاوز ما أمر به، فقال موسى لفتاه: {ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}. قال له فتاه: يا نبيَّ الله، {أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت} أن أُحَدِّثك، {وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا}. قال: {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة، فأطاف بها، فإذا هو برجل مسجًّى بثوب، فسَلَّم، فرفع رأسه، فقال له: مَن أنت؟ قال: موسى. قال: مَن موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل. قال: فما لك؟ قال: أُخبِرْتُ أنّ عندك علمًا؛ فأردتُ أن أصحبك. {قال إنك لن تستطيع معي


(١) أخرجه البخاري ٦/ ٨٩ - ٩١ (٤٧٢٦)، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٣٧١ - ٢٣٧٣ (١٢٨٧٦).
(٢) ذِمامة: حياء وإشفاق من الذم واللوم. النهاية (ذمم).

<<  <  ج: ص:  >  >>