يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة} الآية (١). (٩/ ٥٩١ - ٥٩٣)
٤٥٢٩٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: لَمّا ظهر موسى وقومُه على مِصر أنزل قومَه مصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل اللهُ: أن ذكِّرهم بأيام الله. فخطب قومه، فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعيم، وذكَّرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون، وذكَّرهم هلاك عدوِّهم، وما استخلفهم الله في الأرض، وقال: كلَّم الله موسى نبيكم تكليمًا، واصطفاني لنفسه، وأنزل عَلَيَّ مَحَبَّةً منه، وآتاكم من كل شيء سألتموه، فنبيُّكم أفضلُ أهل الأرض، وأنتم تقرؤون التوراة. فلم يترك نعمةً أنعمها الله عليهم إلا عرَّفهم إيّاها، فقال له رجل من بني إسرائيل: فهل على الأرض أعلمُ منك، يا نبي الله؟ قال: لا. فبعث الله جبريل إلى موسى، فقال: إنّ الله يقول: وما يدريك أين أضع عِلمي؟! بلى، إنّ على شطِّ البحر رجل أعلم. فقال ابن عباس: هو الخضِر. فسأل موسى ربَّه أن يُرِيَه إيّاه، فأوحى الله إليه: أن ائْتِ البحرَ، فإنّك تجد على شطِّ البحر حوتًا، فخذه، فادفعه إلى فَتاك، ثم الزم شطَّ البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك فثَمَّ تجد العبد الصالح الذي تطلب. فلمّا طال سفرُ موسى ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، {قال أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} لك. قال الفتى: لقد رأيتُ الحوتَ حين اتَّخذ سبيله في البحر سربًا. فأعجب ذلك موسى، فرجع حتى أتى الصخرة، فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر، ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمسُّ شيئًا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبيُّ الله يعجب مِن ذلك، حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلَقِي الخضر بها، فسلَّم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنّى يكون هذا السلام بهذا الأرض؟! ومَن أنت؟ قال: أنا موسى. فقال له الخضر: أصاحب بني إسرائيل؟ فرحَّب به، وقال: ما جاء بك؟ قال: جئتك على أن تعلمني مما علمت رشدًا. {قال إنك لن تستطيع معي صبرا}. يقول: لا تُطِيق ذلك. قال موسى:{ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا}. فانطلق به، وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه. فذلك قوله: {حتى
(١) أخرجه ابن عساكر ١٦/ ٤٠٨ - ٤٠٩. وعزاه السيوطي إلى الروياني.