للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد علمتُ ما حدثتَ به نفسَك، فإنّ مِن عبادي رجلًا أعلم منك، يكون على ساحل البحر، فأْتِه فتَعَلَّم منه، واعلم أنه الدال لك على مكانه زادُك الذي تزودته، فأينما فقدته فهناك مكانه. ثم خرج موسى وفتاه قد حملا جميعًا حوتًا مالحًا في مكتل، وخرجا يمشيان، لا يجدان لُغُوبًا ولا عَنَتًا، حتى انتهيا إلى العين التي كان يشرب منها الخضِر، فمضى موسى، وجلس فتاه يشرب منها، فوثب الحوت مِن المكتل حتى وقع في الطين، ثم جرى حتى وقع في البحر، فذلك قوله تعالى: {فاتخذ سبيله في البحر سربا}. فانطلق حتى لحق موسى، فلما لحقه أدركه العياء، فجلس، وقال لفتاه: {ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}. قال: ففقد الحوت، فقال: {فإني نسيت الحوت} الآية. يعني: فتى موسى، اتخذ سبيل الحوت في البحر عجبا، {قال ذلك ما كنا نبغ} إلى: {قصصا}. فانتهيا إلى الصخرة، فأطاف بها موسى، فلم ير شيئًا، ثم صعد، فإذا على ظهرها رجل مُتَلَفِّف بكسائه نائم، فسلَّم عليه موسى، فرفع رأسه، فقال: أنّى السلام بهذا المكان؟! مَن أنت؟ قال: موسى بني إسرائيل. قال: فما كان لك في قومك شُغُل عني؟ قال: إنِّي أُمِرْتُ بك. فقال الخضر: {إنك لن تستطيع معي صبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا} الآية. قال: {فإن اتبعتني} الآية. فخرجا يمشيان حتى انتهيا إلى ساحل البحر، فإذا قومٌ قد ركِبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر؛ رَكِبوا معهم، فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضِر حديدةً كانت معه، فخرق بها السفينة، قال: {أخرقتها لتغرق أهلها} الآية. قال: {ألم أقل} الآية. قال: {لا تؤاخذني} الآية. فانطلقا، حتى إذا أتيا أهل قرية، فوجدا صبيانًا يلعبون يريدون القرية، فأخذ الخضر غلامًا منهم، وهو أحسنهم وأنظفهم، فقتله، قال له موسى: {أقتلت نفسا زكية} الآية. قال: {ألم أقل لك} الآية. قال: {إن سألتك} الآية. فانطلقا، حتى انتهيا إلى قرية لِئام وبهما جهد، فاستطعموهم، فلم يطعموهم، فرأى الجدار مائلًا، فمسحه الخضِر بيده، فاستوى، فقال: {لو شئت لاتخذت عليه أجرا}. قال له موسى: قد ترى جهدنا وحاجتنا، لو سألتهم عليه أجرًا أعطوك فنتعشى به. قال: {هذا فراق بيني وبينك}. قال: فأخذ موسى بثوبه، فقال: أنشدك الصحبة لَما أخبرتني عن تأويل ما رأيت. قال: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} الآية، خرقتها لأعيبها؛ فلم تُؤخَذ، فأصلحها أهلها، فانتفعوا بها، وأما الغلام فإنّ الله جبله كافرًا، وكان أبواه مؤمنين، فلو عاش لأرهقهما {طغيانا وكفرا، فأردنا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>