للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ذلك، حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم بعضهم عن بعض، فألقوا السلاح، وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم، فأوحى الله إلى موسى: ما يحزنك؟ أمّا مَن قُتِل منكم فحَيٌّ عندي يرزق، وأما مَن بقي فقد قبلت توبته. فسُرَّ بذلك موسى وبنو إسرائيل (١). (١/ ٣٦٩)

١٧٩٦ - عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- قال: ... فلمّا سُقِط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى، ورأوا أنهم قد ضلوا؛ قالوا: لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين. فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل، فقال لهم موسى: {يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}. قال: فصَفُّوا صفين، ثم اجتلدوا بالسيوف، فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان مَن قُتِل من الفريقين شهيدًا، حتى كثر القتل، حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قُتِل بينهم سبعون ألفًا، وحتى دعا موسى وهارون: ربَّنا، هلكت بنو إسرائيل، ربَّنا، البَقِيَّةَ البَقِيَّةَ. فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان مَن قُتِل شهيدًا، ومَن بقي كان مُكَفِّرًا عنه، فذلك قوله: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} (٢). (ز)

١٧٩٧ - قال مقاتل بن سليمان: ... ندم القوم على صنيعهم، فذلك قوله سبحانه: {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا}، يعني: أشركوا بالله - عز وجل - {قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: ١٤٩]. فقالوا: كيف لنا بالتوبة، يا موسى؟ قال: اقتلوا أنفسكم. يعني: يقتل بعضكم بعضًا -كقوله سبحانه في النساء: {ولا تقتلوا أنفسكم} يقول: لا يقتل بعضُكم بعضَكم؛ {إن الله كان بكم رحيما} [النساء: ٢٩]- يعني: ذلك القتل والتوبة خير لكم عند بارئكم، يعني: عند خالقكم، قالوا: قد فعلنا. فلما أصبحوا أمَرَ موسى - عليه السلام - البقية الاثني عشر ألفًا الذين لم يعبدوا العجل أن يقتلوهم بالسيف والخناجر، فخرج كلُّ بني أبٍ على حِدَةٍ من منازلهم، فقعدوا بأَفْنِيَة بيوتهم، فقال بعضهم لبعض: هؤلاء إخوانكم أتوكم شاهرين السيوف، فاتقوا الله واصبروا، فلعنة الله على رجل حَلَّ جيوبَه، أو قام من مجلسه، أو اتقى بيدٍ أو رِجلٍ، أو حارَ (٣) إليهم طرفة عين. قالوا: آمين. فقتلوهم


(١) أخرجه ابن جرير ١/ ٦٨٢. وعزاه السيوطي إلى أحمد في الزهد.
(٢) أخرجه ابن جرير ١/ ٦٨٠، وابن أبي حاتم ١/ ١١١ (٥٣٣).
(٣) الحَوْر: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء. لسان العرب (حور).

<<  <  ج: ص:  >  >>