للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن لدن طلوع الشمس إلى انتصاف النهار يوم الجمعة، وأرسل الله - عز وجل - عليهم الظُّلْمَة حتى لا يعرف بعضهم بعضًا، فبلغت القتلى سبعين ألفًا، ثم أنزل الله - عز وجل - الرحمة، فلم يحدّ فيهم السلاح، فأخبر الله - عز وجل - موسى - عليه السلام - أنه قد نزلت الرحمة. فقال لهم: قد نزلت الرحمة. ثم أمر موسى المنادي، فنادى: أنِ ارفعوا سيوفكم عن إخوانكم. فجعل الله - عز وجل - القتلى شهداء، وتاب الله على الأحياء، وعفا عن الذين صبروا للقتل فلم يقتلوا، فمَن مات قبل أن يأتيهم موسى - عليه السلام - على عبادة العجل دخل النار، ومَن هرب مِن القتل لعنهم الله وضربت عليهم الذلة والمسكنة، فذلك قوله: {سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا} [الأعراف: ١٥٢]، وذلك قوله سبحانه: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب} [الأعراف: ١٦٧]، فكان الرجل يأتي نادي قومَه وهم جلوس، فيقتل من العشرة ثلاثة، ويدع البقية، ويقتل الخمسة من العشرين ومَن كتب عليهم الشهادة، ويبقى الذين لم يُقْضَ لهم أن يُقْتَلوا، فذلك قوله - عز وجل -: {ثم عفونا عنكم} فلم نهلككم جميعًا {من بعد ذلك} يعني: بعد العجل؛ {لعلكم} يعني: لكي {تشكرون} ربكم في هذه النعم، يعني: العفو، {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} وذلك قوله سبحانه في الأعراف: {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها} يعني: من بعد عبادة العجل، {وآمنوا} يعني: وصَدقوا بأن الله واحد لا شريك له {إن ربك من بعدها لغفور رحيم (١٥٣)}: لَذو تَجاوُزٍ عنهم، رحيم بهم عند التوبة (١). (ز)

١٧٩٨ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: قاموا صَفَّيْن، فاقتتلوا بينهم، فجعل الله القتل لِمَن قُتِل منهم شهادة، وكانت توبة لمن بقي، وكان قتل بعضهم بعضًا أنّ الله عَلِم أنّ ناسًا منهم علموا أنّ العجل باطل، فلم يمنعهم أن ينكروا عليهم إلا مخافة القتال، فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضًا (٢). (ز)

١٧٩٩ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: لَمّا رجع موسى إلى قومه، وأحرق العجل وذَرّاه في اليم؛ خرج إلى ربه بمن اختار من قومه، فأخذتهم الصاعقة، ثم بُعِثوا، سأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل، فقال: لا، إلا أن يقتلوا أنفسهم. قال: فبلغني: أنهم قالوا لموسى: نصبر لأمر الله. فأمر موسى مَن لم يكن عبد العجل أن يقتل مَن عبده، فجلسوا بالأفنية، وأَصْلَت (٣) عليهم


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) أخرجه ابن جرير ١/ ٦٨٤.
(٣) أصْلَت السيف: أي: جَرَّده. لسان العرب (صلت).

<<  <  ج: ص:  >  >>