للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الماء، وهي بطحاء يابسة في البر، بعدما أكل منه دهرًا طويلًا. قال: وهو زاده. قال: ثم أحياه الله. قال ابن زيد: وأخبرني أبو شجاع أنه رآه، قال: أتيت به فإذا هو شِقَّةُ حوتٍ وعين واحدة، وشِقٌّ آخر ليس فيه شيء (١). (٩/ ٦٠٦)

٤٥٣١٨ - قال مقاتل بن سليمان: {نسيا حوتهما}، وذلك أنّ موسى - عليه السلام - لَمّا عُلِّم ما في التوراة -وفيها تفصيل كل شيء- قال له رجل مِن بني إسرائيل: هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا، ما بقي أحد من عباد الله هو أعلم مني. فأوحى الله - عز وجل - إليه: أنّ رجلًا من عبادي يسكن جزائر البحر -يُقال له: الخضر- هو أعلم منك. قال: فكيف لي به؟ قال جبريل - عليه السلام -: احمل معك سمكة مالحة، فحيث تنساها تجِد الخضِر هنالك. فصار موسى ويوشع بن نون، ومعهما خبز وسمكة مالحة في مكتل على ساحل البحر، فأوى إلى الصخرة قليلًا، والصخرة بأرض تسمى: مروان، على ساحل بحر أيلة، وعندها عين تسمى: عين الحياة، فباتا عندها تلك الليلة، وقرب موسى المكتل من العين، وفيها السمكة، فأصابها الماء، فعاشت، ونام موسى، فوقعت السمكة في البحر، فجعل لا يمس صفحتها شيء من الماء إلا انفلق عنه، فقام الماء مِن كل جانب، وصار أثر الحوت في الماء كهيئة السرب في الأرض، واقتصد الحوت في مجراه ليلحقاه، فذلك قوله سبحانه: {فاتخذ سبيله في البحر سربا} (٢) [٤٠٤٨]. (ز)


[٤٠٤٨] اختُلِف في صفة اتخاذ الحوت سبيله في البحر سربًا على أربعة أقوال: الأول: صار طريقه الذي يسلك فيه كالجُحْر. والثاني: بل إنما اتخذ سبيله سربًا في البر إلى الماء، حتى وصل إليه، لا في البحر. والثالث: بل صار طريقه في البحر ماء جامدًا. والرابع: بل صار طريقه في البحر حجرًا.
وبَيَّن ابنُ جرير (١٥/ ٣١٥ - ٣١٦) كون تلك الأقوال في حيز الجواز، فقال: «وجائز أن يكون ذلك السرَب كان بانجياب الماء عن الأرض، وجائز أن يكون كان بجمود الماء، وجائز أن يكون كان بتحوله حجرًا». ثم رجَّح القول الأول الذي قاله ابن عباس، وأبي، مستندًا إلى السنة، فقال: «وأصح الأقوال فيه ما روي الخبر به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ذكرنا عن أبيّ عنه».
وعلَّق ابنُ عطية (٥/ ٦٣٢) على القول الأول والثاني بقوله: «وهؤلاء يتأولون {سَرَبًا} بمعنى: تصَرُّفًا وجولانًا، من قولهم: فحْل سارب، أي: مُهْمل يرعى حيث شاء». ونقل عن فرقة أنها قالت: اتخذ سَرَبًا في التراب مِن المكتل إلى البحر، وصادف في طريقه حجرًا فثقبه. ثم علَّق بقوله: «وظاهر الأمر أن السّرَب إنما كان في الماء».

<<  <  ج: ص:  >  >>