للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٢٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال: قال لهم موسى -لَمّا رجع من عند ربه بالألواح، قد كتب فيها التوراة، فوجدهم يعبدون العجل، فأمرهم بقتل أنفسهم، ففعلوا، فتاب الله عليهم-: إنّ هذه الألواح فيها كتاب الله، فيه أمره الذي أمركم به، ونهيه الذي نهاكم عنه. فقالوا: ومَن يأخذ بقولك أنت؟! لا واللهِ، حتى نرى الله جهرة، حتى يطَّلِع الله إلينا، فيقول: هذا كتابي؛ فخُذُوه. فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، فيقول: هذا كتابي فخذوه؟! وقرأ قول الله تعالى: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}. قال: فجاءت غَضْبَةٌ من الله - عز وجل -، فجاءتهم صاعقة بعد التوبة، فصعقتهم، فماتوا أجمعون. قال: ثم أحياهم الله من بعد موتهم، وقرأ قول الله تعالى: {ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون}، فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. فقال: أي شيء أصابكم؟ قالوا: أصابنا أنّا متنا ثم حَيِينا. قال: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. قال: فبعث الله ملائكةً، فنتقت الجبل فوقهم (١) [٢٣٥]. (ز)


[٢٣٥] علَّق ابنُ كثير (١/ ٤٠٦) على أثر ابن زيد بقوله: «وهذا السياق يدل على أنهم كُلِّفوا بعد ما أحيوا، وقد حكى الماوردي في ذلك قولين: أحدهما: أنّه سقط التكليف عنهم لمعاينتهم الأمر جهرة حتى صاروا مضطرين إلى التصديق. والثاني: أنهم مكلفون لئلا يخلو عاقل من تكليف. قال القرطبي: وهذا هو الصحيح لأن معاينتهم للأمور الفظيعة لا تمنع تكليفهم؛ لأن بني إسرائيل قد شاهدوا أمورًا عظامًا من خوارق العادات، وهم في ذلك مكلفون، وهذا واضح».
وذكر ابنُ جرير (١/ ٦٩٧ - ٦٩٨) الآثار المروية عن السدي ومحمد بن إسحاق وابن زيد في بيان سبب قول بني إسرائيل لموسى: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً}، ولم يرجِّح قولًا منها على آخر، فقال: «ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله مَن ذكرنا قولَه في سبب قيلهم ذلك لموسى - عليه السلام - تقوم به حجة فيُسلَّم له، وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه، فإذ كان لا خبر بذلك تقوم به حجة فالصواب مِن القول فيه أن يقال: إنّ الله قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له: {يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} كما أخبر عنهم أنهم قالوه، وإنما أخبر الله بذلك عنهم الذين خوطبوا بهذه الآيات توبيخًا لهم في كفرهم بمحمد، وقد قامت حجته على مَن احتج به عليه، ولا حاجة لمن انتهت إليه إلى معرفة السبب الداعي لهم إلى قيل ذلك، وقد قال الذين أخبرنا عنهم الأقوال التي ذكرناها، وجائز أن يكون بعضُها حقًّا كما قال».

<<  <  ج: ص:  >  >>