للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإني -واللهِ- ما أجد لي ولكم مثلًا -والتَمَسْتُ اسم يعقوب فلم أقدر عليه- إلا أبا يوسف حين قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: ١٨]. وأُنزِل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن ساعته، فسكتنا، فرُفِع عنه وإنِّي لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه، ويقول: «أبشري، يا عائشة، فقد أنزل الله براءتك». قالت: وقد كنت أشدَّ مِمّا كنتُ غضبًا، فقال لي أبواي: قومي إليه. فقلت: واللهِ، لا أقوم إليه، ولا أحمده، ولا أحمدكما، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غَيَّرتموه. وكانت عائشةُ تقول: أمّا زينب ابنة جحش فعصمها الله لدينها؛ فلم تقل إلا خيرًا، وأما أختها حَمْنَة فهلكت في مَن هلك. وكان الذي تَكَلَّم فيه مسطح، وحسان بن ثابت، والمنافق عبد الله بن أُبَيّ، وهو الذي كان يَسْتَوْشِيهِ (١) ويجمعه، وهو الذي كان تَوَلّى كبره منهم هو وحَمْنَة. قال: فحلف أبو بكر ألّا ينفع مِسْطَحًا بنافعةٍ أبدًا؛ فأنزل الله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم} يعني: أبا بكر، {والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين} يعني: مسطحًا. إلى قوله: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} قال أبو بكر: بلى، يا ربنا، إنّا لَنُحِبُّ أن تغفر لنا. وعاد له بما كان يصنع (٢). (١٠/ ٦٣٧)

٥٢٥٢٥ - عن أم رَوْمان، قالت: بينا أنا عند عائشة إذ دخلت عليها امرأةٌ من الأنصار، فقالت: فعل الله بابنها وفعل. فقالت عائشة: ولِم؟ قالت: إنّه كان في مَن حدَّث الحديث. قالت عائشة: وأيُّ حديث؟ قالت: كذا وكذا. قلت: وقد بلغ ذاك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: نعم. قلت: وأبا بكر؟ قالت: نعم. فخَرَّتْ عائشةُ مغشِيًّا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حُمًّى بنافِضٍ (٣)، فقُمْتُ، فدَثَّرْتُها، وجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما شأنُ هذه؟». قلتُ: يا رسول الله، أخذتها حُمًّى بنافِض. قال: «فلعلَّه مِن حديث تُحُدِّث به؟». قالت: واستوت عائشةُ قاعدةً، فقالت: واللهِ، لئن حلفت لا تصدقوني، ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه: {والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: ١٨]. وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله


(١) يَسْتَوْشِيه: يستخرج الحديث بالبحث عنه. النهاية (وشا).
(٢) أخرجه البخاري ٩/ ١١٣ - ١١٤ (٧٣٧٠) مختصرًا، ومعلقًا في ٦/ ١٠٧ - ١٠٩ (٤٧٥٧).
وأخرجه بهذا السياق الترمذي ٥/ ٣٩٨ - ٤٠٢ (٣٤٥٤)، وابن جرير ١٧/ ٢٠٦ - ٢٠٩.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث هشام بن عروة».
(٣) بنافِضٍ: برعدةٍ شديدةٍ، كأنها نفضتها: أي: حرّكتها. النهاية (نفض).

<<  <  ج: ص:  >  >>