للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: إضافة قول غير معتبر؛ إما لفساده في ذاته، وإما لمناقضته لتفسيراتهم، وهذا هو الرأي المذموم.

٢ - لقد تكلف من ذهب إلى هذا المصطلح حينما أراد أن يقسم كتب التفسير على التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، فوقع في عدد من الأغلاط، منها: الغفلة عن بداية الرأي المحمود ونشأته، وأنواعه، فالرأي بدأ منذ عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودليل ذلك بعض ما فهمه الصحابة على وجه، ثم سألوا عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففهمهم كان رأيًا لهم، ثم لما توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اجتهدوا في بيان القرآن للتابعين، ثم استمر الرأي فيمن بعدهم، وكان منه -كما سبق- من يتخير من أقوالهم، ويرجح بينها، وهذا لا يكون إلا برأي مستقل، ومع ذلك تجد أن أعظم المفسرين بالرأي المحمود -وهو ابن جرير الطبري- يعدون تفسيره من كتب التفسير المأثور، ويغفلون عن رأيه الذي لا يكاد يخلو منه مقطع من مقاطع الآيات.

وأعجب من ذلك أن الشيخ محمد حسين الذهبي يعدُّ تفسير الثعلبي ضمن كتب التفسير المأثور (١)، ويعدُّ تفسير الخازن الذي اعتمد تفسير البغوي وزاد عليه ضمن التفسير بالرأي (٢).

فإذا كان تفسير الخازن مختصرًا لتفسير البغوي، فما المعيار الذي جعل هذا في كتب المأثور، وذاك في كتب الرأي، ولم لم يعامله كما عامل تفسير ابن عطية، ومختصره الذي عمله الثعالبي، حيث وضعهما في التفسير المأثور.

٣ - وذهب من اعتمد هذا التقسيم إلى جَعْلِ تفسير ابن جرير من قبيل التفسير بالمأثور، وفي هذا غفلة عن كون تفسير الطبري من أكبر أمثلة التفسير بالرأي المحمود، وأن رأيه يظهر في مواطن، منها:

أ- تفسيره الإجمالي الذي يبتدئ به الآية أو يجعله في خاتمة ذكره للأقوال.

ب- تقسيمه للأقوال، وترجمته لكل قول منها بما يبرز المعنى الذي ذهب إليه أهل ذلك القول.

ج- الاختيار والترجيح المبني على القرائن والقواعد العلمية. ورأيه في معنى الآية واختياره لا تكاد تخلو منه آية.

ولعل من ذهب إلى تصنيفه في المأثور نَظَرَ إلى كثرة إيراده للمأثور عن السلف،


(١) التفسير والمفسرون، للذهبي ١/ ١٦٩.
(٢) التفسير والمفسرون، للذهبي ١/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>