للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فترجح إحداهما وتخف الأخرى، وقد علمنا ما النور والظلمة، فما الصراط؟ قال: «طريق بين الجنة والنار، يجوز الناس عليها، وهو مثل حدِّ الموسى، والملائكة صافَّة يمينًا وشمالًا، يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السَّعْدان، وهم يقولون: ربِّ، سَلِّمْ، سَلِّمْ. وأفئدتهم هواء، فمَن شاء الله سلَّمه، ومَن شاء كبكبه فيها» (١). (١١/ ٣٠٨)

٥٦٦٤٢ - عن علي بن أبي طالب -من طريق عباد بن عبد الله- قال: لَمّا نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وأنذر عشيرتك الأقربين}؛ دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا عليُّ، إنّ الله أمرني أن أُنذِر عشيرتي الأقربين، فضِقت ذَرْعًا، وعرفت أنِّي مهما أُبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فَصَمَتُّ عليها حتى جاء جبريل، فقال: يا محمد، إنّك إن لم تفعل ما تُؤمَر به يعذبْك ربُّك. فاصنع لي صاعًا مِن طعام، واجعل عليه رِجْل شاة، واجعل لنا عُسًّا (٢) مِن لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأُبَلِّغ ما أُمرتُ به». ففعلتُ ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلًا، يزيدون رجلًا أو ينقصونه، فيهم أعمامه؛ أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعتُ لهم، فجئتُ به، فلما وضعتُه تناول النَّبي - صلى الله عليه وسلم - حِذْيةً (٣) مِن اللحم، فشقَّها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: «كلوا بسم الله». فأكل القومُ حتى تهلوا عنه، ما نرى إلا آثارَ أصابعهم، واللهِ، إن كان الرجل الواحد منهم لَيأكل مثل ما قدمتُ لجميعهم، ثم قال: «اسقِ القوم، يا علي». فجئتهم بذلك العُسّ، فشربوا منه حتى رَوَوْا جميعًا، وايمُ الله، إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يكلمهم بَدَرَه أبو لهب إلى الكلام، فقال: لقد سحركم صاحبُكم. فتفرَّق القوم، ولم يكلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الغد، قال: «يا عليُّ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعتَ مِن القول، فتفرَّق القومُ قبل أن أكلمهم، فعُد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس مِن الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي». ففعلتُ، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام، فقرَّبته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلَّم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا بني عبد المطلب، إنِّي -واللهِ- ما أعلم شابًّا في العرب جاء قومه بأفضلَ مِمّا جئتُكم به،


(١) أخرجه الآجري في الشريعة ٣/ ١٣٣٧ - ١٣٣٩ (٩٠٧)، والطبراني في الكبير ٨/ ٢٢٥ (٧٨٩٠).
قال الهيثمي في المجمع ٧/ ٨٥ - ٨٦ (١١٢٤٦): «رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك».
(٢) العُسّ: القَدَح الكبير. النهاية (عسس).
(٣) حِذْية: قطعة. النهاية (حذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>