للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها سيل العرم}، قال: وادي سبأ يسمى: العرم، وكان إذا مُطِر سالت أودية اليمن إلى العرم، واجتمع إليه الماء، فعمدت سبأ إلى العرم، فسَدُّوا ما بين الجبلين، فحجزوه بالصخر والقار، فاشتد زمانًا مِن الدهر لا يرجون الماء -يقول: لايخافون-، فلمّا طغوا بعث الله جرذًا، فخرق السدَّ، فأهلكهم الله (١). (١٢/ ١٩٤)

٦٣٢٩٢ - عن عكرمة مولى ابن عباس، في قوله: {لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ} الآيات، قال: كان لهم مجلِس مُشيَّد بالمرمر، فأتاهم ناس مِن النصارى، فقالوا: اشكروا الله الذي أعطاكم هذا. قالوا: ومَن أعطاناه؟! إنّما هذا كان لآبائنا فورثناه. فسمع ذلك ذو يزن، فعرف أنه سيكون لكلمتهم تلك غِيَرٌ، فقال لابنه: كلامك عَلَيَّ حرامٌ إن لم تأتِ غدًا وأنا في مجلس قومي فتَصُكَّ وجهي. ففعل ذلك، فقال: لا أقيم بأرضٍ فعل هذا ابني بي فيها، ألا مَن يبتاع مِنِّي مالي. فابتدره الناس، فابتاعوه، فبعث الله جرذًا أعمى -يُقال له: الخلد- مِن جرذانٍ عُمْيٍ، فلم يزل يحفر السد حتى خرقه، فانهدم، وذهب الماء بالجنتين (٢). (١٢/ ١٩٢)

٦٣٢٩٣ - عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: كان في سبأ كهنة، وكانت الشياطين يسترقون السمع، فأخبروا الكهنةَ بشيء من أخبار السماء، وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال، وأنه خُبِّر أن زوال أمرهم قد دنا، وأن العذاب قد أظلّهم، فلم يدرِ كيف يصنع؛ لأنه كان له مال كثير من عقار، فقال لرجل من بَنِيه -وهو أعزُّهم أخوالًا-: إذا كان غدًا وأمرتُك بأمرٍ فلا تفعله، فإذا انتهرتُك فانتهِرني، فإذا تناولتُك فالطُمْنِي. قال: يا أبتِ، لا تفعل؛ إن هذا أمر عظيم وأمر شديد. قال: يا بني، قد حدث أمرٌ لا بُدَّ منه. فلم يزل حتى هايَأَه (٣) على ذلك، فلمّا أصبحوا واجتمع الناس قال: يا بني، افعل كذا وكذا. فأبى، فانتهره أبوه، فأجابه، فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه، فوثب على أبيه، فلطمه. فقال: ابني يلطمني! علَيَّ بالشفرة. قالوا: وما تصنع بالشفرة؟ قال: أذبحه، قالوا: تذبح ابنك! الطمه، أو اصنع ما بدا لك. فأبى، وقال: أرسِلوا إلى أخواله، فأعلِموهم بذلك. فجاء أخواله، فقالوا: خُذ منا ما بدا لك. فأبى إلا أن يذبحه، قالوا: فلَتَمُوتَنَّ قبل أن تذبحه. قال: فإذا كان الحديث هكذا فإني لا أرى أن أقيم ببلد يُحال بيني وبين ابني فيه، اشتروا مني دُوري،


(١) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٢٥١ بنحوه. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٣) هايأه: وافَقَهُ. المعجم الوسيط (هايأه).

<<  <  ج: ص:  >  >>