للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من قبورهم ينفُضُون رؤوسهم من التراب، يقولون: {الحمدُ الله الذي أذهَب عنّا الحزن}» (١). (٩/ ٣٧٦)

٦٤١٤٧ - عن وهب بن مُنبِّه، عن محمد بن علي بن الحسين ابن فاطمة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ في الجنة شجرةً يُقالُ لها: طُوبى. لو سَخَّر الراكبُ الجوادَ أن يسير في ظِلِّها لسار فيه مائة عام قبل أن يقطعه، وورقُها بُرُودٌ خُضْرٌ، وزهرُها رِياطٌ صُفْرٌ، وأقناؤها (٢) سندسٌ وإستبرقٌ، وثمرُها حُللٌ خضرٌ، وصمغُها زنجبيلٌ وعسلٌ، وبطحاؤُها ياقوتٌ أحمرُ وزُمُرّدٌ أخضرُ، وتُرابُها مسكٌ وعنبرٌ وكافورٌ أصفرُ، وحشيشُها زعفرانٌ مونِعٌ والألنجوج (٣)، يأْجُجان من غير وقودٍ، ينفجرُ من أصلها أنهارٌ؛ السلسبيل والمعين في الرحيق، وظِلُّها مجلسٌ مِن مجالس أهل الجنة يألفونه، ومتحدَّث يجمعهم، فبينما هم يومًا في ظلّها يتحدّثون إذ جاءتهم ملائكةٌ يقودون نُجُبًا جُبِلت من الياقوت، ثم نفخ فيها الرُّوح، مزمومةً بسلاسل من ذهبٍ، كأنّ وجوهها المصابيح نضارةً، ووبرُها خَزٌّ أحمرُ ومِرْعِزٌّ أبيض مُختلطان، لم ينظر الناظرون إلى مثله حُسنًا وبهاءً، ذُلُلًا مِن غير مهانةٍ، نُجُبًا من غير رياضةٍ، عليها رِحالٌ ألواحُها من الدُّرِّ والياقوت، مُفضَّضة باللؤلؤ والمرجان، فأناخوا إليهم تلك النَّجائب، ثم قالوا لهم: ربُّكم يُقرئكم السلام، ويَسْتزِيركم؛ لِتنظروا إليه وينظر إليكم، وتُحيُّونه ويُحيِّيكم، وتُكلّمونه ويُكلِّمكم، ويَزيدكم من فضله وسعته، إنه ذو رحمة واسعة وفضلٍ عظيمٍ. فيتحوَّل كلّ رجلٍ منهم على راحلته، حتى انطلقوا صفًّا واحدًا معتدلًا، لا يفُوتُ منه شيءٌ شيئًا، ولا تفُوتُ أُذُنُ ناقةٍ أُذُنُ صاحبتها، ولا بَرْكةُ ناقةٍ بَرْكةَ (٤) صاحبتها، ولا يمُرُّون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمرها، ورجلت لهم عن طريقها؛ كراهية أن ينثَلِم صفُّهم، أو تُفرِّق بين رجلٍ ورفيقه، فلما دفعوا إلى الجبار تعالى سَفَرَ لهم عن وجهه الكريم، وتجلّى لهم في عظمته العظيمُ، يُحيِّيهم بالسلام، فقالوا: ربَّنا، أنت السلام، ومنك السلام، لك حقّ الجلال والإكرام. قال لهم ربُّهم: إنِّي أنا السلام، ومنِّي السلام، ولي حقّ الجلال والإكرام، فمرحبًا بعبادي الذين حَفِظوا وصيَّتي، ورَعَوْا


(١) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(٢) الأقناء: واحدها قِنْو، وهو العِذق بما فيه من الرُّطَب. الوسيط (قنو).
(٣) المونع: اسم فاعل من أينع، وهو ما أدرك ونضج. والألنجوج: هو العود الذي يُتَبخر به. يقال: ألنجوج ويَلَنجوج وأَلَنجَج، والألف والنون زائدتان، كأنه يَلَجُّ في تضوع رائحته وانتشارها. النهاية (ينع، ألنجوج).
(٤) البرْك والبرْكة: الصدر. اللسان (برك).

<<  <  ج: ص:  >  >>