للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضهم اقتنى أسفارها وأدمن مطالعتها، لما استبان له من البشائر النبوية، وتحقق تحريفهم" (١).

قال القاسمي (ت: ١٣٣٢ هـ): "وقال وليُّ اللَّه الدهلويّ -قُدِّس سِرُّه- في أصول التفسير، في فصل الكلام على معرفة أسباب النزول:

شرط المفسر أمران:

الأول: ما تعرض له الآيات من القصص، فلا يتيسر فهم الإيماء بتلك الآيات إِلا بمعرفة تلك القصص.

والثاني: ما يخصص العام من القصة، أو مثل ذلك من وجوه صرف الكلام عن الظاهر، فلا يتيسر فهم المقصود من الآيات بدونها.

ومما ينبغي أن يعلم أن قصص الأنبياء السألفين لا تذكر في الحديث إِلا على سبيل القلة، فالقصص الطويلة العريضة التي تكلف المفسرون روايتها، كلها منقولة عن علماء أهل الكتاب إِلا ما شاء اللَّه تعالى. انتهى.

فإذن، لا يخفى أن من وجوه التفسير معرفة القصص المجملة في غضون الآيات الكريمة، ثم ما كان منها غير إسرائيليٍّ. كالذي جرى في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أخبر عنه. فهذا تكفّل ببيانه المحدثون. وقد رووه بالأسانيد المتصلة، فلا مغمز فيه.

وأما ما كان إسرائيليًّا، وهو الذي أخذ جانبا وافرًا من التنزيل العزيز، فقد تلقى السلف شرح قصصه، إما مما استفاض على الألسنة ودار من نبئهم، وإما من المشافهة عن الإسرائيليين الذين آمنوا. وهؤلاء كانوا تلقفوا أنباءها عن قادتهم. إذ الصحف كانت عزيزة لم تتبادلها الأيدي، كما هو في العصور الأخيرة. واشتهر ضنّ رؤسائهم بنشرها لدى عمومهم، إبقاء على زمام سيطرتهم، فيروون ما شاؤوا غير مؤاخذين ولا مناقشين. فذاع ما ذاع" (٢).

ويظهر من سبر تعامل السلف مع الإسرائيليات وأقوالهم فيها ما يأتي:

الأول: كان مرادهم بإيرادها بيان المعنى العام للآية، وأن الوارد عند بني إسرائيل لا يختلف عن المعنى الإجمالي فيها.


(١) محاسن التأويل ١/ ٤٢. وقد ذكر ذلك في فصل نفيى تحت عنوان: "قاعدة في قصص الأنبياء والاستشهاد بالإسرائيليات" ١/ ٤٠ - ٥٠.
(٢) محاسن التأويل للقاسمي، تعليق: محمد فؤاد عبد الباقي ١/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>