للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ورد تفاصيل أحْرى عن ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ)، وابن عباس (ت: ٦٨ هـ) ذكرها المفسرون، وتتابع السلف على ذكرها أيضًا (١).

٣ - ما ورد في تفسير قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: ١٦]. روى الطبري (ت: ٣١٠ هـ) عن أمير المؤمنين علي (ت: ٤٠ هـ)، قال: "إن راهبًا تعبّد ستين سنة، وإن الشيطان أرداه، فأعياه. فعمد إلى امرأة، فَأَجَنَّهَا (٢)، ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القس، فيداويها.

فجاءوا بها، قال: فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يومًا عندها إذ أعجبته، فأتاها، فحملت، فعمد إليها، فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك، إنك أعييتني، أنا صنعت بك هذا، فأطعني أنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدةً، فسجد له، فلما سجد له قال: إني بريء منك، إني أخاف اللَّه رب العالمين، فذلك قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: ١٦] " (٣).

وكذا ورد عن ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ)، وابن عباس (ت: ٦٨ هـ) -رضي اللَّه عنهم-.

ولا يلزم أن هذه القصة هي المرادة بعينها بهذه الآية، لكنها تصلح أن تكون تفسيرًا لها، فذكرها هؤلاء الكرام تفسيرًا لها، والربط -كما هو ظاهر- اجتهاد منهم، واللَّه أعلم.


= خلفي، وانعتى لي الطريق؛ فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك، فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه، فقال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: ٢٧] إلى قوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: ٢٧]؛ أي: في حسن الصحبة والوفاء بما قلت، قال موسى -عليه السلام-: {ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: ٢٨]، قال: نعم، قال: (اللَّه على ما نقول وكيل)، فزوجه، وأقام معه يكفيه، ويعمل له في رعاية غنمه، وما يحتاج إليه، وزوجه صَفُّورَا وأُخْتُهَا شَرْفَا، وهما التي كانتا تَذُودَانِ".
(١) ينظر في هذه التفاصيل: تفسير الطبري، ط. الحلبي ٢٠/ ٥٤ وما بعدها، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٦١ وما بعدها، وابن كثير ٦/ ٢٢٦ وما بعدها.
ومن الطرائف المذكورة عنهم ما ورد عن ابن مسعود، قال: "حثثت على جمل لي ليلتين حتى صبحت مدين، فسألت عن الشجرة التي أوى إليها موسى، فإذا شجرة خضراء ترف فاهوى إليها جملي، وكان جائعًا؛ فأخذها جملي، فعالجها ساعة، ثم لفظها، فدعوت اللَّه لموسى -عليه السلام-، ثم انصرفت". تفسير الطبري، ط. الحلبي ٢٠/ ٥٨.
(٢) أي: أصابها بالجنون.
(٣) تفسير الطبري، ط. الحلبي ٢٨/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>