للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قريش، وكان ابنُ الحضرميِّ أولَ قتيل قُتِل بين المسلمين والمشركين، فركب وفدُ كفار قريش حتى قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فقالوا: أتُحِلُّ القتال في الشهر الحرام؟! فأنزل الله - عز وجل -: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله} إلى آخر الآية ... فبَلَغَنا: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَقَلَ ابنَ الحضرمي (١)، وحرَّم الشهر الحرام كما كان يُحَرِّمُه، حتى أنزل الله - عز وجل -: {براءة من الله ورسوله} [التوبة: ١] (٢). (٢/ ٥٣٩)

٧٥٥٧ - عن عروة بن الزبير -من طريق يزيد بن رَوْمان- قال: بعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش إلى نَخْلَة، فقال له: «كُن بها حتى تأتينا بخبرٍ من أخبار قريش». ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابًا قبل أن يُعْلِمَه أين يسير، فقال: «اخرج أنت وأصحابُك، حتى إذا سِرْتَ يومين فافتح كتابك، وانظر فيه، فما أمرْتُك به فامضِ له، ولا تَسْتَكْرِهَنَّ أحدًا من أصحابك على الذهاب معك». فلمّا سار يومين فتح الكتاب، فإذا فيه أن: «امضِ حتى تنزل نخلةً، فتأتينا من أخبار قريش بما اتَّصل إليك منهم». فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمعٌ وطاعةٌ، مَن كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي، فإنِّي ماضٍ لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَن كَرِه ذلك منكم فلْيَرْجِع، فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهاني أن أسْتَكْرِه منكم أحدًا. فمضى معه القوم، حتى إذا كانوا ببُحْران أضَلَّ سعدُ بنُ أبي وقاص وعتبةُ بن غَزْوان بعيرًا لهما كانا يَتَعَقَّبانِه، فتخلَّفا عليه يَطْلُبانِه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلةً، فمَرَّ بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كَيْسان، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله، معهم تجارة قد مَرُّوا بها من الطائف؛ أُدْمٌ (٣)، وزبيب، فلمّا رآهم القومُ أشرف لهم واقدُ بن عبد الله، وكان قد حَلَق رأسه، فلما رأوه حَلِيقًا قالوا: عُمّار، ليس عليكم منهم بأس. وائْتَمَر القوم بهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو آخرُ يوم من رجب، فقالوا: لَئِن قتلتموهم إنّكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخُلُنَّ في هذه الليلة مكة الحرم، فَلَيَمْتَنِعُنَّ منكم. فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقدُ بن عبد الله التميمي عمرَو بن


(١) عَقَلَ القتيلَ: وداه. يعني: دفع ديته. لسان العرب (عقل).
(٢) أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/ ١٧ - ١٨.
(٣) أدم -بالضم-: ما يؤكل بالخبز أي شيء كان. لسان العرب (أدم).

<<  <  ج: ص:  >  >>