للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكتب إلى أخيه جُلاس بن سويد: يا أخي، إنِّي ندمت على ما كان مِنِّي؛ فأتوب إلى الله، وأرجع إلى الإسلام، فاذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن طمعت لي في توبة فاكتب إلي. فذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم}. فقال قوم من أصحابه مِمَّن كان عليه: يتمتع، ثم يراجع الإسلام. فأنزل الله: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون} (١). (٣/ ٦٥٣)

١٣٦٢٦ - عن محمد بن كعب القرظي -من طريق أبي صخر-: أنّ ناسًا مِن أهل مكة اتَّعَدُوا ليخرجوا إلى رسول الله، حتى إذا اجتمعوا خرجوا إليه، حتى قدموا عليه المدينة، فبايعوه، وأقروا بالإسلام، ثم مكثوا ما شاء الله أن يمكثوا، فخرجوا من المدينة، فارتدوا عن إيمانهم حتى لحقوا بقومهم كفّارًا، فأنزل الله فيهم: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولائك جزاءهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون}. ثم تعطّف عليهم برحمته، فقال: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} لأولئك القوم {فإن الله غفور رحيم} (٢). [١٢٨١] (ز)


[١٢٨١] اختلف المفسرون فيمن عني بهذه الآية؟ وفيمن نزلت؟ فذهب البعض إلى نزولها في رجل كان مسلمًا فارتد، وذهب البعض إلى ان المعني بالآية أهل الكتاب، وفيهم نزلت.
وذكر ابنُ جرير (٥/ ٥٦١) أن القول الثاني الذي قال به الحسن وابن عباس من طريق العوفي أشبه بظاهر الآية، فقال: «وأشبه القولين بظاهر التنزيل: ما قال الحسن من أن هذه الآية معني بها أهل الكتاب». ثم رجَّحَ قولَ ابن عباس من طريق عكرمة ومجاهد والسدي؛ لكثرة القائلين به وسعة علمهم، قال: «غير أن الأخبار بالقول الآخر أكثر، والقائلين به أعلم بتأويل القرآن». ثم بين (٥/ ٥٦١) عموم الآية لكلا القولين ولغيرهما مما يدخل في عموم الآية، فقال: «وجائز أن يكون الله - عز وجل - أنزل هذه الآيات بسبب القوم الذين ذكر أنهم كانوا ارتدوا عن الإسلام، فجمع قصتهم وقصة من كان سبيله سبيلهم في ارتداده عن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآيات، ثم عَرَّف عباده سنته فيهم، فيكون داخلًا في ذلك كل من كان مؤمنًا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث ثم كفر به بعد أن بعث، وكل من كان كافرًا ثم أسلم على عهده - صلى الله عليه وسلم - ثم ارتد وهو حي عن إسلامه؛ فيكون معنيًّا بالآية جميع هذين الصنفين وغيرهما ممن كان بمثل معناهما، بل ذلك كذلك إن شاء الله».
وبنحوه قال ابن عطية (٢/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>