للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مخالف تأويل من ذكرنا تأويله من أهل العلم في تأويل {الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [البقرة: ١٧٧]، وإن كان صحيحًا على مذهب العربية" (١)، وعلل ذلك بأن انحصار أقوال السلف في قولين فأكثر إجماع منهم على أن الصواب في أحدها، ومن شواهد ذلك قوله: "وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس. .؛ لأنه لا خلاف بين جميع أهل التأويل أن تأويل ذلك غير خارج عن أحد الوجهين اللذين وصفت. .، فإذ كان لا قول في تأويل ذلك إِلا أحد القولين اللذين وصفت، ثم كان أحدهما غير موجودة على صحته الدلالة من الوجه الذي يجب التسليم له صح الوجه الآخر" (٢)، وقوله: "وهذا قول لا نعلم له قائلًا من متقدمي العلم قاله وإن كان له وجه؛ فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز عندنا أن يتعدى ما أجمعت عليه الحجة، فما صح من الأقوال في ذلك إِلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم" (٣)، ومن ثم كان ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) يتقي ما لم يسبقه إليه أحد من السلف، كما في قوله عند قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: ٢٥]: "وقد كان -لو أن المفسرين كانوا فسروه كذلك-: وهزي إليك رطبًا بجذع النخلة. بمعنى: على جذع النخلة وجهًا صحيحًا، ولكن لست أحفظ عن أحد أنه فسره كذلك" (٤).

واعتمد ابن عطية (ت: ٥٤١ هـ) أقوال السلف في استدلاله في مواضع، كما في قوله: "ولفظ الآية إنما يعطي طلب المغفرة، وهكذا تأوله من ذكرناه من الصحابة" (٥).

أما ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) فقد تصدى لتقرير هذا الأصل العظيم في كثير من كلامه؛ فبيَّن أن الصحابة تلقوا بيان القرآن عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما في قوله: "يجب أن يعلم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى ({لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا" (٦)، وقال: "بل من المعلوم أن رغبة الرسول في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته في تعريفهم حروفه؛ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا تحصل المقصود، إذ اللفظ إنما يراد للمعنى" (٧).

وبيَّن وجه اقتضاء ذلك من جهة العادة فقال: "التفسير الثابت عن الصحابة والتابعين إنما قبلوه لأنهم قد علموا أن الصحابة بلغوا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لفظ القرآن


(١) جامع البيان ٣/ ٨٩.
(٢) جامع البيان ١/ ٥٣٣.
(٣) جامع البيان ٢٣/ ١٧٩.
(٤) جامع البيان ١٥/ ٥١٢.
(٥) المحرر الوجيز ١/ ٤١١.
(٦) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣١.
(٧) مجموع الفتاوى ٥/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>