للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان حُكمُ الله في التوراة في الزِّنا الرجم، فنَفِسُوا (١) أن يَرْجموها، وقالوا: انطلقوا إلى محمد، فعسى أن يكون عنده رخصة، فإن كانت عنده رخصة فاقبلوها. فأتَوه، فقالوا: يا أبا القاسم، إنّ امرأة مِنّا زنت، فما تقول فيها؟ فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كيف حُكمُ الله في التوراة في الزاني؟». قالوا: دعْنا من التوراة، ولكن ما عندك في ذلك؟ فقال: «ائْتُوني بأعلمكم بالتوراة التي أُنزِلت على موسى». فقال لهم: «بالذي نجّاكم من آل فرعون، وبالذي فلق البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون، إلا أخبرتموني ما حُكمُ الله في التوراة في الزاني؟». قالوا: حُكمُه الرجم. فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرُجِمت (٢) [٢٠٨٠]. (٥/ ٣٠٤)

٢٢٤٥٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- قال: إنّ الله أنزل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {الظالمون}، {الفاسقون}. أنزلها الله في طائفتين من اليهود، قَهَرَتْ إحداهما الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضَوا واصطَلَحوا على أنّ كل قتيلٍ قَتَلتْه العزيزة من الذَّليلة فَدِيَتُه خمسونَ وسْقًا، وكل قتيلٍ قَتَلتْه الذّليلة من العزيزة فَدِيتُه مائةُ وسْقٍ، فكانوا على ذلك حتى قَدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فذلَّت الطائفتان كلتاهما لمقدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ لم يَظهرْ عليهم، فقتَلتِ الذَّليلة من العزيزة قتيلًا، فأرسَلَتِ العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق. فقالت الذَّليلة: وهل


[٢٠٨٠] علَّقَ ابنُ كثير (٥/ ٢٢٥ - ٢٢٦) على هذه الأحاديث قائلًا: «فهذه أحاديث دالَّةٌ على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَكَم بموافقة حُكْمِ التوراة، وليس هذا من باب الإلزام لهم بما يعتقدون صحته؛ لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاصٍّ من الله - عز وجل - إليه بذلك، وسؤاله إياهم عن ذلك؛ ليقررهم على ما بأيديهم مما تراضوا على كتمانه وجحده، وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة، فلما اعترفوا به مع عملهم على خلافه بان زيغُهم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم، وعدولهم إلى تحكيم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم، لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به، لهذا قالوا: {إن أوتيتم هذا} أي: الجلد والتحميم {فخذوه} أي: اقبلوه، {وإن لم تؤتوه فاحذروا} أي: من قبوله واتباعه».

<<  <  ج: ص:  >  >>