للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٨٥٩ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قال: أنزَل الله هذه الآية وقد علِم أنه سيرتدُّ مرتدُّون من الناس، فلمّا قبَض الله نبيه ارتد عامَّةُ العربِ عن الإسلام، إلا ثلاثةَ مساجدَ؛ أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الجُواثا (١) من عبد القيس. وقال الذين ارتدوا: نُصَلِّي الصلاةَ ولا نزكِّي، واللهِ، لا تُغصَبُ أموالُنا. فكُلِّمَ أبو بكرٍ في ذلك ليَتَجاوزَ عنهم، وقيل له: إنهم لو قد فُقِّهوا أدَّوُا الزكاة. فقال: واللهِ، لا أُفَرِّقُ بين شيءٍ جمَعه الله، ولو منَعوني عِقالًا مما فرَض اللهُ ورسوله لقاتَلتُهم عليه. فبعَث اللهُ عصائبَ مع أبي بكر فقاتلوا حتى أقرُّوا بالماعون، وهو الزكاة. قال قتادة: فكنا نُحَدَّثُ: أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} إلى آخر الآية (٢) [٢١١٣]. (٥/ ٣٥٢)

٢٢٨٦٠ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}، يزعم أنهم الأنصار (٣) [٢١١٤]. (ز)


[٢١١٣] وجّه ابنُ جرير (٨/ ٥٢٤) معنى الآية على قول قتادة، فقال: «وتأويل الآية على قول مَن قال: عنى الله بقوله: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}: أبا بكر وأصحابه في قتالهم أهل الردة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فلن يضر الله شيئًا، وسيأتي الله مَن ارتَدَّ منكم عن دينه بقوم يحبهم ويحبونه، ينتقم بهم منهم على أيديهم».
وبنحو هذا التوجيه وجَّه ابنُ جرير (٨/ ٥٢٤) معنى الآية على قول مَن قال هي في الأنصار.
ووجَّهه ابنُ عطية مُبَيِّنًا أنّ معنى الآية: «أنّ الله وعد هذه الأمة مَن ارتَدَّ منها فإنه يجيء بقوم ينصرون الدين، ويغنون عن المرتدين، فكان أبو بكر وأصحابه ممن صدق فيهم الخبر في ذلك العصر، وكذلك هو عندي أمر علي مع الخوارج».
وبنحوه قال ابنُ تيمية (٢/ ٤٩٨).
[٢١١٤] ذكر ابنُ عطية (٣/ ١٩٧) قول السدي، ثم وجَّهه بقوله: «وهذا على أن يكون قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} خطابًا للمؤمنين الحاضرين، يعُمُّ مؤمنهم ومنافقهم؛ لأن المنافقين كانوا يظهرون الإيمان، والإشارة بالارتداد إلى المنافقين، والمعنى: أنّ مَن نافق وارتدَّ فإنّ المحققين من الأنصار يحمون الشريعة، ويسد الله بهم كل ثَلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>