للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستضعفون، فلما ألَحَّ عليهم صالح بالدعاء، وأكثر لهم التحذير، وخوَّفهم من الله العذاب والنقمة؛ سألوه أن يريَهم آيةً تكون مِصْداقًا لِما يقول فيما يدعوهم إليه، فقال لهم: أيَّ آية تريدون؟ قالوا: تخرج معنا إلى عيدنا هذا -وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم وما يعبدون من دون الله، في يوم معلوم من السنة-، فتدعو إلهك، وندعو آلهتنا، فإن استُجِيب لك اتَّبَعْناك، وإن استُجِيب لنا اتَّبَعْتنا. فقال لهم صالح: نعم. فخرجوا بأوثانهم إلى عيدهم ذلك، وخرج صالح معهم إلى الله، فدعوا أوثانهم، وسألوها أن لا يستجاب لصالح في شيء مما يدعو به، ثم قال له جُندَعُ بن عمرو بن جَوّاسِ بن عمرو بن الدُّمَيْلِ -وكان يومئذ سيِّدَ ثمود وعظيمَهم-: يا صالح، أخرج لنا من هذه الصخرة -لِصخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها: الكاثِبةُ- ناقةً مُخْتَرَجَةً جَوْفاءَ وبْراء -والمُخترجَةُ: ما شاكَلَت البُخْتَ (١) من الإبل. وقالت ثمودُ لصالح مثل ما قال جُنْدَعُ بن عمرو-، فإن فَعَلْتَ آمنّا بك، وصدَّقْناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحقٌّ. وأخذ عليهم صالحٌ مواثيقهم: لَئِن فعلتُ وفَعل اللهُ لَتُصَدِّقُنِّي، ولَتُؤْمِنُنَّ بي؟ قالوا: نعم. فأَعْطَوه على ذلك عهودَهم، فدعا صالحٌ ربَّه بأن يخرجها لهم من تلك الهَضْبةِ كما وصَفوا (٢). (ز)

٢٨١٢٢ - عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس -من طريق ابن إسحاق- أنه حدّث: أنّهم نظروا إلى الهَضَبَة حين دعا اللهَ صالحٌ بما دَعا به، تَتَمَخَّض بالناقة تَمَخُّض النَّتُوجُ (٣) بولدها، فتحركت الهضبة، ثم انتَفَضَت بالناقة، فانصَدَعَتْ عن ناقةٍ -كما وصفوا- جَوْفاء وبْراء نَتُوجًا، ما بين جنبيها لا يعلمه إلا الله عِظَمًا، فآمن به جُندَعُ بن عمرو ومَن كان معه على أمره مِن رَهْطِه، وأراد أشرافُ ثمود أن يؤمنوا به ويُصَدِّقوا، فنهاهم ذُؤابُ بن عمرو بن لبيد، والحُبابُ صاحب أوثانهم، ورَبابُ بن صَمْعَرِ بن جَلْهسٍ، وكانوا من أشراف ثمود، فردُّوا أشرافَها عن الإسلام، والدخول فيما دعاهم إليه صالح من الرحمة والنجاة. وكان لجُندَعٍ ابنُ عمٍّ يُقال له: شهاب بن خليفة بن مخلاةَ بن لبيد بن جَوّاسٍ، فأراد أن يُسْلِم، فنهاه أولئك الرهط عن ذلك، فأطاعهم، وكان من أشراف ثمود وأفاضلها، فقال رجل من ثمود يُقال له: مهْرَشُ بنُ غَنمةَ بنِ الدُّمَيلِ، وكان مسلمًا:


(١) البُخْت: جمال طِوال الأعناق. النهاية (بخت).
(٢) أخرجه ابن جرير ١٠/ ٢٨٦، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٠٠ مختصرًا.
(٣) النَّتُوجُ من الخيل وجميع الحافر: الحامل. لسان العرب (نتج).

<<  <  ج: ص:  >  >>