للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظلمات الكفر، فهم لا يُبصرون هُدًى، ولا يستقيمون على حق (١) [٧٣]. (١/ ١٧٣)

٦٦١ - عن سعيد بن جبير =

٦٦٢ - ومحمد بن كعب =

٦٦٣ - وعطاء: نزلت في اليهود، وانتظارهم خروج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإيمانهم به، واستفتاحهم به على مشركي العرب، فلمّا خرج كفروا به، وذلك بأنّ قريظة والنضير و [بني] قَيْنُقاع قَدِموا من الشام إلى يثرب، حتى انقطعت النُّبُوَّة من بني إسرائيل، وأَفْضَت إلى العرب، فدخلوا المدينة يشهدون لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة، وأنّ أمّته خير الأمم، وكان يغشاهم رجل من بني إسرائيل يُقال له: عبد الله بن هَيْبان -قبل أن يُوحى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- كلّ سنة، فيَعِظُهم على طاعة الله تعالى، وإقامة التوراة، والإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولًا إذا خرج: فلا تَفَرَّقوا عنه، وانصروه، وقد كنت أطْمَع أن أُدْرِكَه. ثمّ مات قبل خروج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقَبِلُوا منه، ثم لَمّا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَفَرُوا به، فضرب الله لهم هذا المَثَل (٢). (ز)


[٧٣] رجَّح ابنُ تيمية (١/ ١٦٢) مستندًا إلى دلالة السُّنَّة، وأقوال السّلف أنّ هذا المَثَل هو لمن كان فيهم آمَنَ ثم كفر، فقال: «وهؤلاء الذين يُعْطَوْن في الآخرة نورًا ثم يطفأ، ولهذا قال: {فهم لا يرجعون} إلى الإسلام في الباطن، وقال قتادة ومقاتل: لا يرجعون عن ضلالهم. وقال السدي: لا يرجعون إلى الإسلام. يعني: في الباطن، وإلا فهم يظهرونه، وهذا المثل إنما يكون في الدنيا».
وكذا رجَّحه ابنُ كثير (١/ ٢٩٦).
وما رجَّحاه انتقده ابنُ جرير (١/ ٣٤١ - ٣٤٢) مستندًا إلى الدلالات العقلية، فقال: «لو كان المَثَل لِمَن آمن إيمانًا صحيحًا ثم أعلن بالكفر إعلانًا صحيحًا، لم يكن هناك من القوم خداع ولا استهزاء عند أنفسهم ولا نفاق، وإذ كان القوم لم تكن لهم إلا حالتان: حال إيمان ظاهر، وحال كفر ظاهر، فقد سقط عن القوم اسم النفاق؛ لأنهم في حال إيمانهم الصحيح كانوا مؤمنين، وفي حال كفرهم الصحيح كانوا كافرين، ولا حالة هناك ثالثة كانوا بها منافقين، وفي وصف الله -جلَّ ثناؤُه- إياهم بصفة النفاق ما يُنبِئُ عن أنّ القول غير القول الذي زعمه من زعم: أنّ القوم كانوا مؤمنين، ثم ارتدوا إلى الكفر فأقاموا عليه، إلا أن يكون قائل ذلك أراد أنهم انتقلوا من إيمانهم الذي كانوا عليه إلى الكفر الذي هو نفاق. وذلك قول إن قاله لم تدرك صحته إلا بخبر مستفيض، أو ببعض المعاني الموجبة صحته، فأما في ظاهر الكتاب فلا دلالة على صحته، لاحتماله من التأويل ما هو أولى به منه». ونقل ابن عطية (١/ ١٣٥) قولين آخرين، فقال: «وقالت فرقة: إن إقبال المنافقين إلى المسلمين وكلامهم معهم كالنار، وانصرافهم إلى مردتهم، وارتكاسهم عندهم كذهابها. وقالت فرقة: إن المنافقين كانوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في منزلة بما أظهروه، فلما فضحهم الله، وأعلم بنفاقهم، سقطت المنزلة، فكان ذلك كله بمنزلة النار وانطفائها».

<<  <  ج: ص:  >  >>