إلَيَّ. فلمّا رجع القوم إلى أبيهم كلَّموه فقالوا: يا أبانا، إنّ ملِك مصر أكرَمنا كرامة، لو كان رجلًا مِنّا مِن بني يعقوب ما أكرَمنا كرامته، وإنّه ارتهن شمعون، وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك حتى أنظر إليه، فإن لم تأتوني به فلا تقربوا بلادي أبدًا. فقال لهم يعقوب: إذا أتيتم ملِك مصر فأقرِئوه مِنِّي السلام، وقولوا: إن أبانا يصلِّى عليك ويدعو لك بما أوليتنا. {ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدَّت إليهم}، أتَوا أباهم {قالوا يا أبانا ما نبغى هذه بضاعتنا ردت إلينا}. فقال أبوهم حين رأى ذلك:{لن أُرسِلَهُ معكم حتى تُؤْتُونِ مَوثِقًا من الله لَتَأْتُنَّنِى به إلا أن يحاط بكم}. فحلفوا له، {فلما آتوه مَوْثِقَهُم} قال يعقوب: {الله على ما نقول وكيل}. ورَهِب عليهم أن تُصِيبَهم العين إن دخلوا مصر فيُقال: هؤلاء لرجل واحد. قال:{يا بنى لا تدخلوا من باب واحد}. يقول: مِن طريق واحد. فلمّا دخلوا على يوسف عرف أخاه، فأنزلهم منزلًا، وأجرى عليهم الطعام والشراب، فلما كان الليل أتاهم بمُثُلٍ (١)، قال: لِيَنَم كلُّ أخوين منكم على مِثال. حتى بقي الغلامُ وحده، فقال يوسف: هذا ينام معي على فراشي. فبات مع يوسف، فجعل يَشُمُّ ريحَه، ويَضُمُّه إليه حتى أصبح، وجعل يقول روبيل: ما رأينا رجلًا مثل هذا إن نحن نجونا منه. {فلما جَهَّزَهُم بِجَهازِهِم جعل السقاية في رحل أخيه}، والأخ لا يشعر، فلمّا ارتحلوا {أذن مؤذن} قبل أن يرتحل العير: {أيتها العير إنكم لسارقون}. فانقطعت ظهورهم، {وأقبلوا عليهم} يقولون: {ماذا تفقدون} إلى قوله: {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين*قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} يقول: تأخذونه فهو لكم. {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه}، فلمّا بَقِي رَحْلُ الغلام قال: ما كان هذا الغلامُ لِيَأْخُذَها. قالوا: واللهِ، لا يُتْرَكُ حتى تنظر في رحله، ونذهب وقد طابت نفسُك. فأدخل يدُه في رحله، فاستخرَجها مِن رحل أخيه. يقول الله:{كذلك كدنا ليوسف} يقول: صنعنا ليوسف، {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يقول: في حُكْم الملك {إلا أن يشاء الله}، ولكن صنعنا لشأنِهم؛ قالوا:{فهو جزاؤه}. قال: فلمّا استخرجها مِن رحل الغلام انقطعت ظهورهم، وهلكوا، وقالوا: ما يزال لنا منكم بلاءٌ يا بني راحيل، متى أخَذْتَ هذا الصُّواع؟! قال بنيامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه في