للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُطعِم: كلُّ أمِرك قبل اليوم كان أمَمًا (١) غير قولك اليوم، أنا أشهد أنك كذاب؛ نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدًا شهرًا ومنحدرًا شهرًا، تزعُمُ أنك أتيته في ليلة! واللاتِ والعُزّى، لا أُصَدِّقُك. فقال أبو بكر: يا مُطعِمُ، لَبِئْسَ ما قلت لابن أخيك، جَبَهْتَه (٢) وكذَّبتَه، أنا أشهد أنه صادق. فقالوا: يا محمد، صِف لنا بيت المقدس. قال: «دخلته ليلًا، وخرجت منه ليلًا». فأتاه جبريل، فصَوَّره في جناحه، فجعل يقول: «باب منه كذا في موضع كذا، وباب منه كذا في موضع كذا». وأبو بكر يقول: صَدَقتَ، صَدَقتَ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: «يا أبا بكر، إنّ الله قد سَمّاك: الصِّدِّيق». قالوا: يا محمد، أخبرنا عن عِيرنا. فقال: «أتيت على عير بني فلان بالرَّوحاءِ قد أضَلُّوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رِحالِهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربتُ منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنَفَرَتْ منِّي الإبلُ، وبَرَك منها جمل أحمر عليه جَوالِقُ مخططة ببياض، لا أدري أكُسِر البعير أم لا، ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التَّنعيم يقدُمُها جملٌ أورَقُ، وها هي ذه تطلُعُ عليكم من الثَّنيَّة». فقال الوليد بن المغيرة: ساحر. فانطلقوا، فنظروا، فوجدوا كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد. فأنزل الله: {وما جعلنا الرُّءيا التي أريناك إلا فتنة للناس} [الإسراء: ٦٠] (٣). (٩/ ١٨٩ - ١٩٢)

٤٢٣٩٣ - عن عبد الله بن عمرو، وأم سلمة، وعائشة، وأم هانئ، وابن عباس، دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا: أُسرِي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة مِن شِعبِ أبي طالب إلى بيت المقدس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حُمِلتُ على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغل، في فخذها جناحان، تَحفِزُ (٤) بهما رجليها، فلما دَنَوتُ لأركبها شَمَسَتْ (٥)، فوضع جبريل يده على مَعرَفَتِها (٦)، ثم قال: ألا تستحيين -يا بُراق- مِمّا تصنعين؟! واللهِ، ما ركب عليك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه. فاستَحيَت حتى ارْفَضَّتْ عَرَقًا، ثم قَرَّت حتى


(١) الأَمَم: القريب واليسير. النهاية (أمم).
(٢) الجبه: الاستقبال بالمكروه. وأصله من إصابة الجبهة، يقال: جبهته إذا أصبت جبهته. النهاية (جبه).
(٣) أخرجه أبو يعلى في معجمه ١/ ٤٢ - ٤٥ (١٠)، والضياء المقدسي في فضائل بيت المقدس ص ٨٠ - ٨٣ (٥٢). وتقدم طرفه مع تخريجه في تفسير قوله تعالى: {من المسجد الحرام} في هذه الآية.
(٤) الحفز: الحث والإعجال. النهاية (حفز).
(٥) الشَّموس: هو النَّفور من الدواب الذي لا يستقر لشَغَبه وحدَّته. النهاية (شمس).
(٦) المَعرَفَة: منبت العُرف من الرقبة. النهاية (عرف).

<<  <  ج: ص:  >  >>