للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسيل منها ماء أحمر، إنّ لها لَشأنًا. فقال له الخضِر -وكان قد أعطي العلوم والفهم-: أيها الملك، ألا ترى الورقة المُعَلَّقة مِن النخلة الكبيرة؟ قال: بلى. قال: فهي تخبرك بشأن هذا الموضع. وكان الخضِر يقرأ كل كتاب، فقال: أيها الملك، أرى كتابًا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ مِن آدم أبي البشر، أُوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدُوِّي وعدُوَّكم إبليس، الذي كان يُلِينُ كلامه، وفُجورُ أمنيته، أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا، فأُلْقِيت على موضعي هذا لا يُلْتَفَتُ إلَيَّ مائتي سنة بخطيئة واحدة، حتى رست في الأرض، وهذا أثري، وهذه الأشجار من دموع عيني، فعَلَيَّ في هذه التربة أُنزِلت التوبة، فتوبوا من قبل أن تندموا، وبادروا من قبل أن يُبادر بكم، وقدِّموا من قبل أن يقدم بكم. فنزل ذو القرنين، فمسح موضع جلوس آدم، فإذا هو ثمانون ومائة ميل، ثم أحصى الأشجار، فإذا هي تسعمائة شجرة، كلها من دموع آدم نبتت، فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة، وهي تبكي دمًا أحمر، فقال ذو القرنين للخضِر: ارجع بنا، فلا طلبت الدنيا بعدها (١). (٩/ ٦٣٦)

٤٥٦٤١ - عن وهب بن منبه: أنّ ذا القرنين أوَّل مَن لبس العمامة، وذاك أنّه كان في رأسه قرنان كالظلفين متحركان، فلبس العمامة مِن أجل ذلك، وأنه دخل الحمّام، ودخل كاتبه معه، فوضع ذو القرنين العمامة، فقال لكاتبه: هذا أمر لم يطَّلع عليه خلقٌ غيرك، فإن سمعت به مِن أحد قتلتك. فخرج الكاتب مِن الحمام، فأخذه كهيئة الموت، فأتى الصحراء، فوضع فمَه بالأرض، ثم نادى: ألا إنّ للملك قرنين، ألا إنّ للملك قرنين. فأنبت الله مِن كلمته قصبتين، فمرَّ بهما راعٍ، فأعجب بهما، فقطعهما، واتخذهما مزمارًا، فكان إذا زمر خرج من القصبتين: ألا إنّ للملك قرنين. فانتشر ذلك في المدينة، فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب، فقال: لَتَصْدُقَنِّي وإلا قتلتُك. فقصَّ عليه الكاتب القصة، فقال ذو القرنين: هذا أمرٌ أراد الله أن يبديه. فوضع العمامة عن رأسه (٢) [٤٠٨٣]. (٩/ ٦٣٣)


[٤٠٨٣] انتقد ابنُ عطية (٥/ ٦٥٣) ما ورد في قولي وهب -هذا والذي يليه- في سبب تسمية ذي القرنين بهذا الاسم، فقال: «وقال وهب بن منبه: سمي بذلك لأن جنبتي رأسه كانتا من نحاس. وقال وهب بن منبه أيضًا: كان له قرنان تحت عمامته. وهذا كله بعيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>