للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[قصة انتهاء فتنة خلق القرآن]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو أن ترسلوا لي كيف انتهت فتنة خلق القرآن؟ وجزاكم الله عن الإسلام كل خير؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تكلم الذهبي في السير على هذه المسألة عند كلامه على حياة الإمام احمد فذكر أن أحد شيوخ السنة ناظر شيخ الضلال ابن أبي دؤاد فأفحمه فرجع الأمير الواثق عن القول بخلق القرآن.

فقد روى بسنده عن محمد بن الواثق بن الأمير في ذلك الوقت قال: كان أبي إذا أراد أن يقتل أحدا أحضرنا فأتي بشيخ مخضوب مقيد فقال أبي ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه يعني ابن أبي دؤاد قال فأدخل الشيخ فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال لا سلم الله عليك فقال يا أمير المؤمنين بئس ما أدبك مؤدبك قال الله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فقال ابن أبي دؤاد الرجل متكلم قال له كلمه فقال يا شيخ ما تقول في القرآن قال لم ينصفني ولي السؤال قال سل قال ما تقول في القرآن قال مخلوق قال الشيخ هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه قال شيء لم يعلموه فقال سبحان الله شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم علمته أنت فخجل فقال أقلني قال المسألة بحالها قال نعم علموه فقال علموه ولم يدعوا الناس إليه قال نعم قال أفلا وسعك ما وسعهم قال فقام أبي فدخل مجلسا واستلقى وهو يقول شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت سبحان الله. شيء علموه ولم يدعوا الناس إليه أفلا وسعك ما وسعهم. ثم أمر برفع قيوده وأن يعطى اربع مئة دينار ويؤذن له في الرجوع وسقط من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن بعدها أحدا.

قال الذهبي: هذه قصة مليحة وان كان في طريقها من يجهل ولها شاهد.

وفي رواية عنه أنه قال: أقدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شيخا من أذنه فأدخل على الواثق مقيدا فرأيته استحيا منه ورق له وقربه فسلم ودعا فقال يا شيخ ناظر ابن أبي دؤاد فقال يا أمير المؤمنين إنه يضعف عن المناظرة فغضب الواثق وقال أيضعف عن مناظرتك أنت فقال يا أمير المؤمنين هون عليك فائذن لي في مناظرته فإن رأيت أن تحفظ علي وعليه قال افعل فقال الشيخ يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدين فلا يكون الدين كاملا حتى تقال فيه قال نعم قال فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث هل ستر شيئا مما أمره الله به من أمر دينهم قال لا قال فدعا الأمة إلى مقالتك هذه فسكت فالتفت الشيخ إلى الواثق وقال يا أمير المؤمنين واحدة قال نعم فقال الشيخ فأخبرني عن الله حين قال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي هل كان الصادق في إكمال دينه أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك هذه فسكت فقال أجب فلم يجب فقال يا أمير المؤمنين اثنتان ثم قال يا أحمد أخبرني عن مقالتك أعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا قال علمها قال فدعا الناس إليها فسكت فقال يا أمير المؤمنين ثلاث ثم قال يا أحمد فاتسع لرسول الله أن يعلمها وأمسك عنها كما زعمت ولم يطالب أمته بها قال نعم واتسع ذلك لأبي بكر وعمر قال نعم فأعرض الشيخ وقال يا أمير المؤمنين قد قدمت أنه يضعف عن المناظرة يا أمير المؤمنين، إن لم يتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما زعم هذا أنه اتسع للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا وسع الله عليك، فقال الواثق نعم اقطعوا قيد الشيخ فلما قطع ضرب بيده إلى القيد ليأخذه فجاذبه الحداد عليه فقال الواثق لم أخذته قال لأني نويت أن أوصي أن يجعل في كفني حتى أخاصم به هذا الظالم غدا وبكى فبكى الواثق وبكينا ثم سأله الواثق أن يجعله في حل فقال لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكونك من أهله فقال له أقم قبلنا فننتفع بك وتنتفع بنا قال إن ردك إياي إلى موضعي أنفع لك أصير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عليك فقد خلفتهم على ذلك قال فتقبل منا صلة قال لا تحل لي أنا عنها غني.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٢ صفر ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>