للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الإحسان إلى الأم المسنة والصبر على أذاها]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة من الأردن أعيش مع والدتي الكبيرة بالسن وأخدمها والله شاهد بما يرضيه لكن هي لا تعينني على برها لا تحب النظام أبداً ولا ترضى أن أغسلها إلا بعد مليون محاولة وهذا جعلني لا أسمح باستقبال الزوار حتى لا أسمع كلام بأني لا اهتم بالنظافة بها وغير ذلك دائما تتكلم على الناس بكلام حرام وتخوض بأعراض الناس وكلام أستحي من ذكره وفي بعض الأوقات تدعو علي أنا وأخواتي مع أننا والله بارون بها، فهل يقبل الله دعاءها علينا وما هو السبيل حتى نصلح من أمرها وعلى فكرة هي وصلت لمرحله لم تعد تميز الأشياء مثل حرام أو حلال لكن لسانها لا يكف عن النميمة أو الكلام البذيء فأرجوكم ما هو السبيل لبرها، ومع العلم بأني أوقف حياتي وجميع أمري لخدمتها لكن دائما أحس أنها غير راضية فما العمل؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن خير ما نوصيك به أيتها الأخت السائلة بعد تقوى الله سبحانه هو برك بأمك، واحتساب الأجر عند الله مما يصيبك منها، والصبر على الأذى الذي تلقينه منها -وإياك أن تقابلي الإساءة بالإساءة، ولكن قابليها بالإحسان، ولا تنتظري منها جزاء على برك ولا شكوراً، بل اطلبي ذلك من الغني الحميد جل وعلا، واعلمي أن لك الأجر الجزيل عند الله ببرك بوالدتك فإن حق الأم عظيم خصوصاً مع ما ذكرت من حالها، وقد بلغت من الكبر عتياً، وصارت بحيث لا تميز بين الأشياء، هنا ينبغي أن ترتفع أسهم البر إلى أقصى الحدود وأبعد الغايات، قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٤} ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.

وأما ما يكون من أمك من بعض المعاصي التي ذكرت إن كانت تعقل ما تقول فإنه ينبغي لك أن تذكريها بالله وبأوامره سبحانه، وأن مثل هذه الأمور تغضب الله سبحانه، وعليك بالرفق واللين معها إلى أبعد حد، فإن استجابت فبها ونعمت، وإلا فقد برئت أنت من ذنبها وستقدم هي بعملها على ربها، وتكون وحدها المسؤولة عنه يوم لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ... واعلمي أنك إن قمت أنت وإخوتك بواجبكم تجاه أمكم كما أمركم ربكم فلن يضركم بعد ذلك دعاؤها عليكم لا في قليل ولا في كثير، بل قد يكون دعاؤها عليكم سبب خير وفضل لكم بصبركم على ذلك وعفوكم عنها، أما ما ذكرت من أمر بغضها للنظافة ونفورها من ذلك فيمكنك أن تستعيني عليها ببعض الأرحام أو الجيران من النساء اللاتي يقاربنها في السن فهي قد تستجيب لهن أكثر من استجابتها لك، وأخيراً فإننا نوصيك بالدعاء لوالدتك بالهداية والمغفرة وحسن الخاتمة فإن القلوب بيد الله سبحانه، وثقي أن معاملتك الحسنة لوالدتك سوف تغير منها وتجعلها تنظر إليك بتوقير واحترام، وعلى أقل الأحوال فإنها سوف تكف أذاها عنك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٨٤١، ٣٣١٩١، ٥٢٨٢٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٢ ذو القعدة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>