للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل تشترط موافقة الأب على زواج ابنه]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أفتونا جزاكم الله خيرا: إنني تزوجت بنصرانية قبل عشرة أشهر وكان وليها هوالقاضي ثم هاجرت

معها إلى أوروبا ولم أعمل حفلا للزواج ووالدي لايعرف بأنها زوجتي لأنه كان معارضا لفكرة الزواج

منها حيث إنني استشرته قبل أن أتزوجها وكان غير موافق وبالنسبة لوالدتي فقد أخبرتها لأنها كانت موافقة والآن ربما والدي يشك بأنني متزوج بها وهنا في أوروبا أسكن أنا وهي ووالداها معا في منزل واحد ولم أعد أطيق العيشة معهم حيث إن والدها يشرب أغلب الأوقات البيرة والخمر ويوجد في المنزل كلبة وتأكل هذه الكلبة أحيانا في الصحون التي نأكل فيها.

فهل زواجي صحيح؟ وماذا يجب عليا أن أعمل؟

وجزاكم الله خيرا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد سبق بيان حكم الزواج من الكتابية برقم: ٥٣١٥ فانظره.

وليس من شروط نكاح الرجل من تحل له من النساء إذن والده، لكن إن عارض الوالد ولده في زواجه، وأبدى وجهاً مناسباً للاعتراض وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، وليس معنى هذا أن الزواج إن وقع لم يصح، بل هو صحيح إن استوفى شروطه وأركانه، لكن مع إثم مخالفة الأب، والواجب عليك الآن إن كنت مقتنعاً بهذه الزيجة أن ترضي والدك، وتبين له أسباب زواجك، فإن امتنع وأبدى أسباباً وجيهة لامتناعه وجب عليك مفارقتها طاعةً لوالدك إذ أمر الله بطاعته في غير معصية، وليس من المعصية طلاق من ظهرت أسباب وجيهة لطلاقها، ووجب عليك أن تصلح ما بينك وبين والدك، ولو أن توسط قريباً صالحاً يصلح بينكما.

أما بقاؤك في بيت أهل زوجتك والحال على ما ذكرت، فالواجب تركه إن تعذر الإصلاح وانقطع رجاء إسلامهم، بعداً عن مواطن المنكرات وصوناً لنفسك أن تألف المنكر.

وأما الأكل في صحون أكلت فيها الكلاب، فلا يجوز حتى تطهر سبع مرات أولاهن بالتراب، كما أمر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وما ذكرته من ضيق ذرعك بهذه العيشة الكريهة يبين عظمة الإسلام الذي يحث على النظافة، ومكارم الأخلاق ومحاسنها فلله الحمد والمنة على ما منَّ به علينا من هذا الدين العظيم.

أما كون القاضي قد تولى تزويجها، فلا يصح ذلك إلا إذا تعذر وجود الولي الخاص، فإن لم يكن لها ولي خاص أو كان، ولكنه على وضع لا يصلح معه للولاية كالسكران أكثر الوقت، وتولى أمر زواجها قاضٍ مسلم صح زواجك، إذ قد نص فقهاؤنا على أن لا يلي الكافر تزويج مسلمةٍ، ولا مسلم تزويج كافرة واستثنوا تزويج الحر لأمته الكافرة، وتزويج القاضي للكافرة إذا لم يكن لها ولي خاص. والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ ربيع الأول ١٤٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>