للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العمل في البنك الربوي ممن ليس مضطرا إليه]

[السُّؤَالُ]

ـ[إني أخاف الله رب العالمين خوفا كثيرا.

قصتي تبدأ بأبي الذي عمل بالربا لأكثر من ٢٥ عاما وأطعمنا وكبّرنا على المال الحرام الذي لم يبارك الله به، حيث إنه أخيرا والحمد لله طرد من عمله لمبدئه المستقيم في العمل من عدم اخذ الرشاوي وتقديم التسهيلات إلخ ...

كنت قد تخرجت من الجامعة منذ سنة تقريبا "قبل خروج أبي من العمل بحوالي ٥ شهور" درست نظم الحاسوب والبرمجة، وأخذت أبحث عن عمل في مجالي لكي أبدأ حياتي وأقدم لأهلي ولكن لم أجد إلا في بنك ربوي بعد ٣ شهور ...

لم أكن أعرف بإثم العمل بالربا والغضب الرباني والنبوي تجاه آكل الربا، فقبلت بالعمل معهم وكان أبي سعيدا جدا لوظيفتي حيث إنني أول من أدخل دخلا آخر إلى البيت من إخواني.. ومضيت في العمل حتى هذه الساعة.

هداني الله سبحانه وتعالى في يوم من أجمل أيام حياتي من حوالي الشهر ونصف، والحمد لله لا أقطع فرضا من فروض ديني وعبادتي وأعبد ربي خائفا شاكرا محبا خجولا تقيا. وبدأت في حفظ القرآن وختمه وقيام الليل وأدرس الاحاديث من صحيح مسلم وأطبقها في حياتي وأدعو أهل بيتي وأصدقائي وأحثهم على الصلاة وسبحان مغيّر الأحوال..

كنت قد قدمت استقالتي من البنك في شهر ١ وعندما بلغت أهلي "أبي وأمي" بالموضوع لم يعجبهم حيث إنني بحاجة للمال الآن والوضع لا يحتمل جلوسي في البيت وأبحث عن عمل.. غضبت أمي قلت لهم إن من يتق الله يجعل له مخرجا، فردت أمي قائلة: هناك أولويات فالحياة ومن سيساعد إخوانك. مع العلم أن أبي حصل على تقاعد لا بأس فيه من البنك ولكن استثمروا المال في شراء قطعة أرض لضمان توفير المبلغ.. وتعكزهم علي في مصروف البيت وتوفير لقمة العيش مع أن مرتبي والحمد لله ليس بحمل لهذا كله ولا آخذ منه لي ولم أدّخر منه شيئا لمستقبلي..

واني والله والله والله أخاف غضب ربي من غضب أبي وأمي ولا أدري مالعمل، أدعو الله كل يوم أن يتوب علي من هذا العمل القذر وأن يهدي أهلي إلى التفكير الصائب.

كنت قد سألت إماما في أحد الجوامع بعد صلاة الظهر، فقال لي اخرج من عملك ومن يتق الله يجعل له مخرجا فذهبت إلى البيت سعيد لما سمعت متفائلا متوجها لأمي لأخبرها بالخبر ولكن المصيبة أنها ردتني بقولها: لا ترد عليه ...

أصبحت قبل أمس من حلم كنت قد ختمت فبل نومي سورة "النساء"وأعوذ بالله منه ألف مرة حلمت أنني أتعارك مع إبليس، لم أره في منامي ولم أخف منه، كان يحاول أن يصرعني ولكني بقيت أصارع فيه وأتقلب في نومي، كنت أحس على نفسي أتقلب وأترنح ولكن الحمد لله لم يستطع لي شيئا.. صحوت وأقمت الصلاة وذهبت إلى العمل فتحت الحاسوب دخلت على أول موقع تفسير أحلام بتفسير ابن سيرين وقرأت ما قرأت ... قرأت "اني أأكل الربا" وأني ماعدت أستطيع التحمل حتى لو كان في غضب أبي وأمي.

فأرجو الاطلاع على المشكلة من جميع أبوابها واطرافها للخروج بالجواب الشافي وجزاكم الله خيرا.

قال الله تعالى "وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ".]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك بالتوبة والالتزام بالصلوات، والاشتغال بدراسة العلم. ونفيدك أن العمل في البنوك الربوية يحرم لما فيه من الإعانة على الربا فيجب التخلص منه، لمن لم يكن مضطرا إليه، وأيقن أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. ولا يجوز إرضاء الوالد بمعصية الله. وأما الأحلام فليس عندنا تعليق عليها لأنها ليست من اختصاصنا مع أن ما ذكرته أنت تفسير وجيه جدا فقد قال الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

البقرة {٢٧٥}

ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٦٥٣٢٧، ٥٦٤٢٠، ١٠٠٦٣٧، ٧٢١٢٧، ٧١٢٢٥، ٦٩٠١٥، ٦٣٠٥٣، ٧٦٢١٠، ٦٦٣٠٧، ٧٠٥٣٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ صفر ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>