للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الانشغال بالدعوة إلى الله ليس مسوغا لإهمال الأبناء وترك الإنفاق عليهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل الدعوى بالقيام بالدعوة إلى الله عن طريق جماعة التبليغ مدعاة إلى ترك الأولاد والعمل في سبيل تبليغ الدين وأن المطلوب من الإنسان العمل للآخرة وليس للدنيا بدعوى أن الإنسان قد قضى الله رزقه منذ الأجل، وأن البحث عن الرزق وهو مقسوم محتوم شرك بالله؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدعوة إلى الله تعالى ليست مدعاة إلى ترك ما أوجبه الله على الداعي من النفقة على أهل بيته والقيام بحقوقهم بل يمكن الجمع بين الوظيفتين، ومن زعم أنه مشتغل بالدعوة وترك السعي لينفق على أهله بحجة أن الرزق مقسوم وأن الإنسان مطالب بالعمل للآخرة من فعل هذا لهو جاهل بالشرع لأن النفقة على الأهل والقيام بمصالحهم هي من عمل الآخرة ويؤجر عليه الإنسان، كما أن ترك الأولاد وإهمالهم من أكبر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.. قال الهيثمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية بعد الثلاثمائة: إضاعة عياله كأولاده الصغار.. انتهى.

والقول بأن البحث عن الرزق شرك بالله قول باطل مصادم للقرآن، قال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الجمعة: ١٠} وقال الله تعالى: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا {الملك: ١٥} أي لطلب الرزق والمكاسب.. انتهى.

وقال تعالى: وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ {المزمل: ٢٠} .

وقد كان الأنبياء والرسل يأخذون بالأسباب ويبحثون عما كتبه الله لهم من الرزق فقد كان زكريا نجارا، وتاجر نبينا صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة يتاجرون، وذلك القول الباطل هو قول المتصوفة ومن دار في فلكهم، وقد بين العلماء بطلانه كابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس، وانظر الفتوى رقم: ٥٣٣٥٧، وراجع عن جماعة التبليغ فتوانا رقم: ٩٥٦٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ شعبان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>