للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يترك من يعول أمه وأخواته العمل في مجال السياحة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا طبيب بيطري مصري وعمري الآن ٢٦ سنة، ولظروف عائلية ومادية اضطررت للعمل في شركة سفريات والآن وبعد مضي سنتين ونصف على عملي لا أجد الراحة النفسية، فطمانينة قلبي هي في رضى ربي عز وجل، كما أني في هذه الفترة ارتكبت أكبر الذنوب في حياتي وأنا الآن أريد أن أرضي ربي عز وجل بفعل ما يرضيه عني كما أني أريد الاستقامة وترك المحرمات وأنا أشعر بأن العمل في هذا المجال حرام وقد كنت قد استشرت شيخا فقال استفت قلبك ولكني عندما أسأل قلبي أجدني لا أستريح لهذا العمل بعد الفترة التي عشتها فيه ولقد ارتكبت ذنوبا كثيرة وايتعدت عن الله بل وابتعدت عن التخصص الذي درسته وأحببته ومع أن عملي هذا يدر علي دخلا جبدا فإني لا اطيق الاستمرار فيه وإن كان من الصعب علي جدا أن أبدأ من الصفر في هذه المرحلة من عمري خاصة وأنني قد نسيت كثيرا من تخصصي في علم الطب فهل يحرم علي ترك هذا العمل إذا كنت مسؤولا عن رعاية أمي وأخواتي بعد وفاة والدي وإذا كن يعشن في سعة بفضل هذا العمل وهل هذا العمل حلال أم حرام بعد سردي للتفاصيل المذكورة؟ أرجو أن تدلوني على أفضل شيء يقربني إلى الله.

ملحوظة: شركتي هي أكبر الشركات السياحية في الشرق الأوسط وهي تجلب السياح إلى مصر وتوفر لهم السكن في الفنادق وتنظم لهم جميع البرامج والرحلات أثناء إقامتهم في مصر وأنا المسؤول عن تنظيم البرامج والرحلات لهؤلاء السياح.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم أن العمل في مجال السياحة المذكورة تحفه كثير من المحظورات الشرعية كالإعانة على ممارسة الفواحش وشرب الخمور وارتياد أماكن الفجور ونحو ذلك مما يجعل هذا العمل محرما لعموم قوله تعالى:" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

وعليه فيجب عليك ترك هذا العمل، اللهم إلا في حالة نادرة فيجب عليك البقاء فيه، وهي إذا خشيت على نفسك أو من تعول الهلاك بسبب فقد أسباب المعيشة، فقد قال تعالى:" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (البقرة: ١٩٥) وقال تعالى:" ولا تقتلوا أنفسكم " (النساء: ٢٩) وقال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار، ولكن من المعلوم أن خشية الهلاك بالنسبة لحالتك هذه نادرة جداً وقد تكون مجرد توهم.

ولهذا يقول الشاطبي: " الصواب الوقوف مع أصل العزيمة، إلا في المشقة المخلة الفادحة فإن الصبر أولى، ما لم يؤد ذلك إلى دخل في عقل الإنسان أو دينه، وحقيقة ذلك أن لا يقدر على الصبر، لأنه لا يؤمر بالصبر إلا من يطيقه، فأنت ترى بالاستقراء أن المشقة الفادحة لا يلحق بها توهمها، بل حكمها أخف بناء على أن التوهم غير صادق في كثير من الأحوال ".

والحاصل أننا ننصحك بالجد في طلب عمل آخر وترك هذا العمل ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وأبشر بالفرج العاجل فإن الله تعالى يقول:" ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً. ... ... ... ... ...

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ جمادي الأولى ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>