للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[موقف الأخت من أختها التي ترتكب الحرام وتصر عليه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أشكركم مرة أخرى للرد والاستماع إلينا وأتمنى لهذه الشبكة الاستمرار ... جزاكم الله خيراً، مشكلتي أني أنا الكبرى يتيمة الأب، أمي تعاني من مرض نفسي لما كانت تعانيه مع أبي رحمه الله لدي أخت واحدة أصغر مني بـ ٥ سنوات قاسية جداً وفظة مع أمي تعاملها كما لو كانت خادمة تشتمها أحيانا نسكن مع جدتي التي أعتبرها أمي من شدة حنانها ورعايتها لنا، ألا أن أختي تجازيها بسرقتها ومؤخراً ارتكبت كبيرة من أعظم الكبائر أقامت علاقة مع أخي زوجة خالي وحملت منه إلا أن أخوالي فرضوا عليه الزواج منها وتزوجها وأسقط هو وهي الجنين دون علمنا ولحنان جدتي لم تطردها من المنزل وعارضت أخوالي وحتى لا يزيد المرض على أمي سامحناها اعتقاداً منا أنها سوف تتغير وتتوب إلى الله وتتحجب، للعلم فأنا محتجبة وأصلي وأذهب لدار القرآن لتعلمه فهي لا تشبهني في أي شيء لاحظنا أن هذه المشاكل زادتها شراً فما زالت تسرقنا، أصبحنا نخاف من ترك محفظتنا وعلمت أين تخبئ جدتي النقود فسرقت المفتاح وأخرجت عليها وبالصدفة وجدناها كانت صدمة قوية أصبحنا نبكي ليل نهار لا نعرف ماذا نفعل، علما بأن أمي تطلب منا ألا نخبر أخوالي بالسرقة حتى لا يكبر الموضوع، حاولت أن أنصحها حتى أنني طبعت بعض الفتاوى عن عقوق الوالدين وعن السرقة من موقعكم وقرأتها، لكن بدون جدوى أحيانا أفكر في قتلها حتى نرتاح منها أرشدوني في أقرب وقت؟ جزاكم الله خيراً، أتمنى أن تفهموا قصدي ماذا نفعل معها لتعرف الذي هي عليه من كفر زيادة أنها تلبس ملابس نستحي منها وأخوالي في صراع دائم معها؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك جملة من الأمور المنكرة التي ارتكبتها ولا زالت ترتكبها أختك هداها الله وأصلحها، وقد بينا حكمها وما يترتب عليها في فتاوى سابقة نحيلك عليها اختصاراً، فانظري في حكم العقوق وخطورته الفتوى رقم: ١٧٧٥٤، والفتوى رقم: ٢٥٠٠١، وفي وجوب البر بالجدة الفتوى رقم: ٥١٣١٣، وفي حكم السرقة وما يجب على مرتكبها الفتوى رقم: ٦٠٢٢، وفي حكم الزنى وعقوبته الفتوى رقم: ٨٧٤٠، وفي الإجهاض وحكم تزوج الزاني بمن زنا بها وحملت منه الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٦٠١٢، ١٨٨٠، ٣٢٨٨٨ وفي حكم لباس المرأة وضوابطه الفتوى رقم: ٦٧٤٥.

وننبهك أيتها السائلة الكريمة إلى خطورة التكفير وعدم التساهل في إطلاقه، فلا بد له من ضوابط بيناها في الفتوى رقم: ٧٢١، فاحفظي لسانك منه، وكذلك قولك هل أقتلها ولعلك لا تقصدين حقيقة ذلك لحرمة دم المسلم وبشاعة إثم قاتله وحسبنا في ذلك قوله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:٩٣} ، وانظري الفتوى رقم: ١٠٨٠٨، والفتوى رقم: ١٩٤٠ وإقامة الحدود ليست لآحاد الناس وعامتهم، وإنما للأمام أو نائبه فحسب، فإياك إياك أن يستدرجك الشيطان إلى ما يفسد دينك ودنياك.

وخلاصة القول: إن أختك ترتكب جملة من الأمور المحرمة الخطيرة، وواجبكم نحوها هو النصح وتغيير تلك المنكرات كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. وننبه إلى أنه يدرك بالرفق واللين ما لا يدرك بالعنف والشدة، فاستمروا في نصحها ووعظها واجتهدوا في الدعاء لها، وإذا امكنكم إيجاد صحبة صالحة لها وإبعادها عن صديقات السوء وحبائل الشيطان فذلك من أنفع العلاج وأكثره تأثيراً على السلوك، كما قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:٢٨} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ربيع الأول ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>