للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير قوله تعالى: إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا.]

[السُّؤَالُ]

ـ[إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا.... السؤال: بعد أن عرض الله سبحانه وتعالى أحوال أصحاب الجنة ثم قال كان لكم.. رغم أن هذا الموضع يقال فيه سيكون لكم على اعتبار أن التنعم بالجنة لم يأت بعد وإنما سوف يأتي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ظاهر السياق يدل على أن الخطاب لأهل الجنة بعد أن يدخلوها ويشاهدوا نعيمها، فيقال لهم: إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا {الإنسان:٢٢} ، قال في فيض القدير عند تفسير هذه الآيات: أي يقال لهم: إن هذا الذي ذكر من أنواع النعم كان لكم جزاء بأعمالكم، أي: ثواباً لها، وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا.. أي: كان عملكم في الدنيا بطاعة الله مرضياً مقبولاً. انتهى.

وعلى تقدير أن الخطاب للمؤمنين في الدنيا كما ذهب إليه بعض المفسرين، فإن المعنى إن هذا النعيم المذكور كان في علمي وحكمي جزاء لكم يا معاشر عبادي، قال الرازي في تفسيره: اعلم أن في الآية وجهين: الأول: قال ابن عباس المعنى أنه يقال لأهل الجنة بعد دخولهم فيها، ومشاهدتهم لنعيمها: إن هذا كان لكم جزاء قد أعده الله تعالى لكم إلى هذا الوقت، فهو كله لكم بأعمالكم على قلة أعمالكم، كما قال حاكياً عن الملائكة: إنهم يقولون لأهل الجنة: سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ. وقال: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ. والغرض من ذكر هذا الكلام أن يزداد سرورهم، فإنه يقال للمعاقب: هذا بعملك الرديء فيزداد غمه وألم قلبه، ويقال للمثاب: هذا بطاعتك، فيكون ذلك تهنئة له، وزيادة في سروره، والقائل بهذا التفسير جعل القول مضمراً، أي ويقال لهم: هذا الكلام، الوجه الثاني: أن يكون ذلك إخباراً من الله تعالى لعباده في الدنيا، فكأنه تعالى شرح جواب أهل الجنة، أن هذا كان في علمي وحكمي جزاء لكم يا معاشر عبادي، لكم خلقتها ولأجلكم أعددتها. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ رجب ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>