للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم التعامل مع الجن]

[السُّؤَالُ]

ـ[ماهي الحكمة وراء النهي عن التعامل مع الجن. فهم خلق الله كباقي المخلوقات ولا يلزم بالضرورة أن يكون التعامل قائما على السحر والعياذ بالله، فلماذا الجن بالذات حرام وفيهم المؤمنون الذين يتبعون الرسول صلى الله عليه وسلم. وإن كان ذلك لتجنب المفسدة ففي كل أمور الدنيا مفاسد إن نحن أسأنا استعمالها ومع ذلك معظمها مباح ما لم يكن هناك ضرر في حين أن التعامل مع الجن حرام مطلقا. وكيف نفسر استعمال سيدنا سليمان عليه السلام للجن. وما قلت هذا إلا رغبة في أن توضحوا لي الأمور وأنا في ذات نفسي لأرجو من الله أن لا يجمعني بالجن في مكان.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتعامل مع الجن ليس محرما على الإطلاق، بل هو مباح في المباحات، ومحرم في المحرمات. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في دقائق التفسير تفصيلا جيدا في استخدام الإنس للجن، وقال إنه على ثلاثة أقسام: الأول: ما يكون محرما، وذلك كالاستعانة بهم في المحرمات، من الشرك والفواحش والقول على الله بلا علم. الثاني: ما يكون مباحا، وذلك كمن يستخدمهم في أمور مباحة، كإحضار ماله، أو دلالته على ماليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه، ونحو ذلك من الأمور المباحة. الثالثة: أن يستعملهم في طاعة الله ورسوله فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله، كما يأمر الإنس وينهاهم، وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم، وحال من اتبعه واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق. ولك أن تراجع في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: ٥٧٠١. ونبي الله سليمان عليه السلام كانت الجن قد سخرت له، ولكن الله منعها من أن تزيغ أو يحصل منها فساد، قال تعالى: وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ {الانبياء: ٨٢} . قال أهل التفسير أي من أن يزيغوا عن أمره، أو يبدلوا أو يغيروا، أو يوجد منهم فساد في ما هم مسخرون فيه، وقال تعالى: وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {سبأ: ١٢} . وقال تعالى: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد {صّ:٣٨} ... إلى غير ذلك من الآيات الدالة على منعهم من الشر، وأنهم كانوا مسخرين له في الخير فقط.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الثانية ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>