للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدين الذي لوالدك عليك يدخل في الميراث]

[السُّؤَالُ]

ـ[توفى والدي رحمه الله وكنت قد استلفت منه مبلغ مليون جنيه قبل وفاته ولم أسدده له إلى أن توفي، سؤالي: هل هذا المبلغ يعتبر من الميراث وإن كان ذلك أنا ابن واحد ولدي تسع أخوات وأم على قيد الحياة بعد وفاة والدي وجدنا مبلغ ٣٥٠ ألف بدولابه بالإضافة للمبلغ الذي معي فيصبح جملة المبلغ ١٣٥٠٠٠٠ جنية أرجو إفادتي في تقسيم هذا المبلغ على الورثة، وهل يجوز إذا تنازلنا عن المبلغ لوالدتي لكي تهب بها حجة لوالدي، فأرجو إفادتي وهل الميت يسأل عن هذه التركة، وهل يجوز أن نتصدق بها؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما عن الدين الذي لوالدك عليك فإنه يدخل في الميراث وهو من جملة تركة أبيك رحمه الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك حقاً أو مالاً فهو لورثته. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وموت الوالد وكذا كونك ولده كل هذا لا يسقط حق الورثة في الدين الذي له عليك، وإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن أباك قد توفي عن زوجة وابن واحد -وهو الأخ السائل- وتسع بنات ولم يترك وارثاً غيرهم -كأب أو أم أو جد أو جدة- فإن لزوجته الثمن، لقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.. {النساء:١٢} ، والباقي يقسم بين الابن والبنات التسع تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.. {النساء:١١} ،.

فيقسم كامل المبلغ على (٨٨) سهماً، للزوجة ثمنها (١١) سهماً، وللابن (١٤) سهماً، ولكل بنت من البنات التسع (٧) أسهم.

وأما هل يجوز التنازل عن التركة للوالدة أو التصدق به.. فالجواب نعم يجوز للورثة جميعاً أو لبعضهم أن يتنازل عن نصيبه من الميراث للصدقة أو غيرها، ولكن يشترط لصحة تنازل الوارث أن يكون بالغاً رشيداً، فمن كان دون سن البلوغ أو فوقها ولكنه سفيه فإنه لا يصح تنازله ويبقى ماله محفوظاً له إلى أن يرشد السفيه ويبلغ الصغير..

وأما هل يسأل الميت عن هذه التركة، فالميت لا يسأل عن تقسيم التركة، ولكنه يسأل يوم القيامة عنها من أين اكتسبها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما بعد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع:.. وذكر منها.. وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. رواه الترمذي.

وننبه إلى أن الوالد إذا لم يكن حج حجة الإسلام ولم يعتمر فإنه يجب أن يخصم من التركة ثمن حجته وعمرته وتدفع لمن يحج عنه ويعتمر، وهذا مقدم على حق الورثة في المال، كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: ٤٠٩٩٤.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.. وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: ٥٦٧٦٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>