للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم توزيع التركة قبل الموت والوصية لبعض الورثة]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

نطلب من سماحتكم أن تفيدونا بالحكم الشرعي الذي يرضي الله ورسوله في هذه المسألة:

في سنة ١٩٨٣ أردت شراء محل ثمنه يعادل ٧٢ ألف ليرة سورية فاستدنت من والدي في نفس السنة مبلغ ٣٤ألفا وطلب مني أن أسجل له حصة في المحل فقمت بتسجيل نصف المحل باسمي والنصف الآخر باسم والدي ,وبعد مرور سنتين في العام ١٩٨٥دفعت لوالدي ثمن نصف حصته في المحل , فأصبحت أملك ثلاث أرباع المحل ولوالدي الربع. وعندما أردت مع مرور الأيام استيفاء ما تبقى علي {١٧ألفا} رفض والدي أن أكمل له , فأصبح المحل كله باسمي, وإن سعر المحل هذه الأيام حوالي المليون وذلك بسبب السوق الذي فتح بجواره منذ حوالي ٦سنوات الأمر الذي رفع سعره فجأة فلولا السوق لما تجاوز سعره ٣٠٠أو ٤٠٠ألف.

ومضت السنون فقام والدي بفراغ الدار التي يسكنها وهي عبارة عن ٩قصبات ثمنها حوالي ٢مليون لإخوتي الذكور الثلاثة فقط {نحن الأبناء: الأخ الأكبر وأنا وثلاثة ذكور وثلاثة بنات} دون أي علم لي بالموضوع وعندما أصبحت أعرف الموضوع أخبرني والدي أن إخوتك سوف يعوضون لكم.

أما أخي الأكبر فهو مستأجر للبيت ,الذي تملكه والدتي, منذ زمن بعيد ٣٣ سنة, هذا البيت يعطي ثمناً قدره مليون و٧٠٠ألف إذا رفع محضراً.

لكن بعد وفاة والدي وعندما أردنا النظر في التركة والإرث ,قال لي إخوتي أن والدك قد أوصى بما يلي:

الثلاثة الذكور لهم بيت والدي والأخ الأكبر له البيت الذي هو مستأجر فيه وهو طبعاً ملك والدتي التي ما تزال على قيد الحياة, والبنات الثلاثة يعوض لهم عن حصصهم في بيت والدي فقط , أما أنا فحصتي هي ربع حصة محلي التي لم يقبل والدي أن أسدد له ما تبقى من دينه علي , فالمحصلة كل أخذ حصة ما, دون أي حساب دقيق. وكل تلك الوصية لم أحط علماً بها إلا بعد وفاة والدي, حيث الذي كنت أعلمه أن إخوتي الثلاثة الذكور سوف يعوضون لنا.

أي أن الوصية اعتبرت حصتي في الإرث هي دين والدي:؟؟؟

قام والدي بإعطاء أحد إخوتي الذكورمبلغاً ٣٣ألف سنة١٩٨٠ ثم طوب له حصة في البيت, فالأخير أخذ حصة في البيت ومبلغ لا يأتي أحد من إخوتي على ذكره علماً أنه لم يسدد لوالدي ذلك المال, أما أنا فحصتي هي ١٧ألف التي عادلت ربع ثمن محلي عام ١٩٨٣ التي أعطاني إياها والدي ورفض أخذها.

-فهل الحق يكون بتجاهل كل ذلك والعدل يتحقق بأن نتبع وصية والدي, أم أنه يجب تقييم كل ذلك وتوزيعه بالحق الشرعي للذكر والأنثى وتجاهل الوصية فهنا نريد تحكيم الشرع في كل ذلك.

-وهنا سؤال يطرح نفسه من أجل تقييم المال {١٧ألف} الذي بقي علي, فهل قيمته هي ربع حصة محلي الذي ثمنه مليون ١٧ألف=٢٥٠ ألف, أو نستثني وجود السوق ونعتبر ثمن المحل ٤٠٠ألف وبالتالي ١٧ألف=١٠٠ألف ,أوأن ثمن المال هي قيمة ١٧ ألف ليرة سورية ذهباً سنة ١٩٨٣ وما يعادلها اليوم.

أفتونا بذلك جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للوالد تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطية في حياته دون مبرر شرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه سعيد بن منصور في سننه وحسنه ابن حجر.

كما لا يجوز له الوصية لبعضهم أو لوارث بعد وفاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أحمد وأصحاب السنن, وفي رواية: لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.

وعلى ذلك، فإن ما فعله والدكم من الوصية بتوزيع تركته حسبما ذكرت لا يصح، فكل ما ترك والدكم من ممتلكاته الخاصة والديون والحقوق يوزع على الورثة حسبما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأما ربع محلك فهو ملك لوالدك، فيجب أن يضم إلى بقية ممتلكاته فتقوم جميعاً بقيمتها الحالية، وتوزع على الورثة كل حسب نصيبه الشرعي.

والحاصل أن وصية والدك لا تصح وكذلك توزيعه لتركته في حياته بهذه الطريقة لا يصح، وأن ربع محلك يعتبر جزء من التركة يضم إليها.

وننبه إلى أنكم إذا كنتم كلكم بالغين رشداء وتراضيتم على ما أوصى به والدكم فلا حرج في ذلك، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: ٥٢٠٧٦، ١٤٢٥٤، ٣٦٢٤٧.

على أننا نوصي السائل بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلده لننتظر في هذه المسألة، فهي صاحبة الاختصاص في مثل هذه القضايا.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٢ رمضان ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>